للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عدم إلزام الناس بما تراه]

إن هذه المسائل التي يختلف فيها الناس لن يسألك الله عز وجل عنها، لماذا لم تتبن هذا الرأي؟ بل بوسعك أن تعرض عن هذا الاختلاف كله، ولن يسألك الله يوم القيامة: لماذا لم تأخذ بهذا الرأي، لا سيما إذا كان لا يتطرق إليك الأمر مباشرةً؟ فالآن تجد بعض الناس يقول: ما رأيك في فلان وعلان؟ تقول: يا أخي! لن يسألني الله عنه يوم القيامة، إن كان صالحاً فالله وليه، وإن كان غير ذلك فحسابه على الله عز وجل، أنا لست ملزماً أن أحمل راية عداوة، أو راية موالاة أو معاداة، يعني: لست مسئولاً أن تعرض عليك قائمة، فيقال: ما رأيك في كل من: ١، ٢، ٣، ٤، ٥، ٦، يقول الشيخ الشنقيطي رحمه الله فيما يذكره الدكتور/ عبد الله الأمين عن سيرة والده في شريط أكرر النصيحة بسماعه اسمه/ العقد الثمين في سيرة الشيخ الأمين، يقول: كان رحمه الله يقول: يا ولدي إن الله لن يسألك يوم القيامة لماذا لم تشتم فرعون؟ فكذلك بعض الشباب ما رأيك في طالبان؟ ما رأيك في رباني؟ ما رأيك في حكمتيار؟ ما رأيك في فلان؟ يا أخي افرض أني ما أعطيت رأياً في هؤلاء جميعاً، لن أمدح هذا، ولن أشتم هذا، ما شققت عن قلوبهم ولا عندي شيء، قد يكونوا قالوا شيئاً يوجب مدحهم أو قدحهم، لكن ما بلغني، أنا غير مسئول عن ذلك.

فيا أخي الحبيب! عليك بما ينفعك، والحذر من المبادرة والمعاجلة بالقول، تجد البعض- سامحه الله وهاده- إذا حصلت نازلة، أو وقعت واقعة تتعلق بآراء وأشخاص وقضايا معينة، لا بد أن يجمع الناس ويلزمهم برأيه، والمسألة فيها سعة عريضة، أنا جذيلها المحكك، وأنا عذيقها المرجب، وأنا ابن بجدتها، وأنا فارس ميدانها، وأنا حذام

وإذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام

ويريد أن يجمع الناس على رأيه، هذا ليس من حقك يا أخي، الناس لديهم عقول، وتتباين عقولهم في الفهم، والاستنباط، والدلالة، ولولا ذلك ما اختلف أئمة الإسلام، ولما تباينت أحكامهم في ثبوت النصوص والأدلة، ولما تباينت أحكامهم في فهم الدلالات من النصوص والأدلة، فكذلك الاستنتاجات من البشر في قضايا ربما لا تصل إلى أمور العقيدة من حق الناس أن يختلفوا فيها، وإن وقع الخلاف فالحذر أن يكون سبباً في الفراق، الخلاف وارد، لكن أن يكون الخلاف سبباً في السب، أو الشتم، أو الغيبة، أو النميمة، أو إسقاط الحقوق، والتجرؤ على الأعراض، فإن ذلك أمرٌ خطيرٌ أيها الأحبة.