الأمر الآخر يا عباد الله: ينبغي أن نعلم حاجتنا إلى هذا العلم والصبر على تحصيله، فإن العلم والتأليف بعده لا ينال بالتمني ولا بالتسويف، وإنما ينال بالصبر والمجاهدة، فهذا أبو إسحاق الألبيري الغرناطي رحمه الله يكتب رسالة شعرية طويلة يوصي فيها ولده بطلب العلم فيقول له:
تفت فؤادك الأيام فتا وتنحت جسمك الساعات نحتا
وتدعوك المنون دعاء صدقٍ ألا يا صاح أنت أريد أنت
فكم ذا أنت مخدوعٌ وحتى متى لا ترعوي عنها وحتى
ثم يقول عما يدعو ولده إليه:
إلى علمٍ تكون به إماماً مطاعاً إن نهيت وإن أمرتا
ينالك نفعه ما دمت حياً ويبقى ذكره لك إن ذهبتا
يزيد بكثرة الإنفاق منه وينقص إن به كفاً شددتا
فقوت الروح أرواح المعاني وليس بأن طعمت ولا شربتا
إذا ما لم يفدك العلم خيراً فخير منه أن لو قد جهلتا