للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كيفية معرفة الغافل]

أيها الأحبة إن كثيراً من الغافلين لا يعلمون أنهم في غفلة، وإذا أردت أن تعلم هل أنت من الغافلين أم لا، فانظر كما قال ابن مسعود: [ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي].

إن كنت تمر عليك الأيام والليالي لا تتحسر على فواتها لأنها مضت في غير طاعة أو لم تتزود منها كما ينبغي فاعلم أنك غافل، إذا أردت أن تعلم هل أنت من الغافلين أم لا فانظر اهتمامك بوقتك، فانظر عنايتك بالوقت إن كنت تقتله سدى، تضيعه هباءً، لا تبالي بما أدبر وأقبل منه فأنت غافل مسكين، وإن كنت كما يقول القائل:

ينافس أمسي في يومي تحرقاً وتحسد أسحاري علي الأصائل

إن كنت كذلك فأنت بإذن الله من أهل الذكرى إذا كنت تجعل ذلك في مرضاة الله سبحانه وتعالى.

أيها الأحبة في الله! إن من المصيبة -كما قلت- أن ترى من الناس من لا يعلم أنه في غفلة فلا تراه يتألم على فوات الجماعة أو قيام الليل، أو فوات العبادة أو انقضاء مواسم مضاعفة الأجر دون أن يستفيد منها، كل ذلك لا يهمه، بل لا يتحسر لِمَ لم يزرع في موسم الزراعة؟ لِمَ لم يقترض يوم أن كان البنك متاحاً؟ لِمَ لم يتوظف يوم أن كانت الوظيفة والفرصة سانحة؟ لِمَ لِمَ لِمَ؟ كل حسراته على فوات دنياه، والدنيا لا يسوفها أبداً ويبادر ويكابد من أجل الحصول عليها، ويتحسر على ما فات منها، وأما الآخرة فسيان عنده إن أقبلت أو أدبرت في أمرها، أو حصَّل أو فرط أو ضيع في شأنها.