للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شتان بين الفريقين]

نسوق هذه الحادثة لنعلم أن فجر المسلمين قادم، ولكن من أين؟ {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام:١٢٤] لنعلم أن فجر الإسلام قادم، وأن ساعة الصفر باتت وشيكة، وأن أمة الإسلام تتجاذبها سنن الله من كل جانب، حتى يلتقي الماء على أمر قد قدر، إن فجر الإسلام قادم، فقد يكون من مهبط الرسالة، وقد يكون من أرض الأعاجم، وقد يكون في أرض الزنج، وقد يكون في أفريقيا {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام:١٢٤].

وليس بين بلاد وبين الله نسب إلا بالتقوى، وشرفنا وعزنا وأمنيتنا أن نكون أهل هذا الشرف، قادة الركب وهداة الأمة ولكن {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} [النساء:١٢٣] ليست المسألة بالأماني وإنما هي لمن أمهرها أرواحاً وعقولاً وأموالاً ودماء، وإن نتولى أو ننكص على أعقابنا، أو نرجع القهقرى {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة:٥٤] {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد:٣٨].

ونسوق هذه الحادثة، لنعلم أن الإسلام إذا دخل المعركة تغيرت الموازين واختلفت الحسابات.

إن المخططين العسكريين، والحسابات العسكرية، مبنية على تصور معركة بين فريقين أو فرق، كل فريق ينافح ويناضل ويقاتل من أجل الحياة، أما إذا دخل الإسلام المعركة، فإن الحسابات تتبدل وتتغير؛ لأنها حسابات لفريقين، أحدهما يتمنى الموت ويشتاق للشهادة، كما ودع الصحابة من خرجوا لغزو الروم، فقال أحدهم لـ عبد الله بن رواحة: ردكم الله سالمين، فقال ابن رواحة:

لكنني أسأل الرحمن مغفرة وطعنة ذات فرغ تقذف الزبدا

وضربة بيدي حران مجهزة بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا

حتى يقال إذا مروا على جسدي يا أرشد الله من غاز وقد رشدا

الحسابات حينما يدخل الإسلام المعركة، فإنها بين فريقين: فريق يريد الحياة بنعيمها الزائل، وشبابها المنتهي بالهرم، وصحتها التي يعقبها السقم، وعزها الذي يكدره الذل، وغناها الذي يشوبه الفقر، في مواجهة فريق يدخل المعركة، وهو يريد جنة عرضها السماوات والأرض، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، يريد جنة فيها خلود ولا موت، يريد جنة لا يجدون فيها ظمأ ولا سقماً ولا ألماً ولا هرماً.

نسوق هذا هدية لكل شاب نشيده:

فيا رب إن حانت وفاتي فلا تكن على شرجع يعلى بخضر المطارف

ولكن أحن يومي شهيداً بفتية يصابون في فج من الأرض خائف

عصائب من شيبان ألف بينهم تقى الله نزالون عند التزاحف

إذا فارقوا دنياهم فارقوا الأذى وصاروا إلى موعود ما في المصاحف

أيها الأحبة في الله: إن الشيوعية ولت، وبقي أذنابها في أخاديد من الأرض، فسلط الله عليها من سلط حتى انتهت، إن الشيوعية أرض بلا سماء، ويوم بلا غد، إنها الشيوعية {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً} [النور:٣٩]، إنها الشيوعية: سعي بلا غاية، وعمل بلا نتيجة {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ} [محمد:١٢].

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر أعداء الدين، اللهم يا ودود يا ودود يا ودود يا ذا العرش المجيد! اللهم يا منزل الكتاب، ويا هازم الأحزاب، ويا منشئ السحاب، أسألك اللهم أن تنزل بأسك وبطشك وعقابك وعذابك وأليم بأسك بالصرب والروس واليهود ومن شايعهم، بقدرتك التي لا يعجزها شيء في الأرض ولا في السماء، اللهم أنزل بهم بأسك وعجل هلاكهم، اللهم أهلكهم بريح صرصر عاتية، وأهلكهم بالطاغية، ولا تجعل لهم باقية.

اللهم لا ترفع لهم راية، واجعلهم لمن خلفهم غاية، اللهم اجعلهم غنيمة للمسلمين، اللهم اجعل كيدهم في نحورهم واجعل تدبيرهم تدميراً عليهم يا قوي يا عزيز.

عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.