للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فقه الستر على المسلمين]

أيها الأحبة! كذلك من التوجيهات المهمة المتعلقة بجيل الصحوة المبارك، بل وبعامة إخواننا المسلمين: مسألة الستر، الستر على المسلمين والأخذ بأيدي الذين يقترفون الإثم، الأخذ بأيديهم إلى الله جل وعلا، لينيبوا إليه سبحانه عله أن يقبل توبتهم بدلاً من هتكهم وتتبع عوراتهم وكشف مساوئهم وإعانة الشيطان عليهم.

قال بعض الوزراء الصالحين لبعض من يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر: اجتهد أن تستر العصاة فإن ظهور معاصيهم عيب في أهل الإسلام، وأولى الأمور ستر العيوب وهذا الكلام لا تنزعجوا منه فسوف يأتي فيه تفصيل.

روى معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم) رواه أبو داود وابن حبان.

إن الستر على المسلمين لمن الأمور المرغوبة، ومن الأمور المحبوبة، بل إن الدين شرع لنا ذلك، وستأتي من النصوص ما تعجبون من أن الإسلام لا يتشوف إلى فضح الناس، الدين لا يشتاق إلى هتك أستارهم، الشريعة لا تتمنى فضح عورات الناس، الدين لا يتمنى التشويش والتشهير بالناس إطلاقاً.

حدث أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة) رواه مسلم.

وحدث أبو برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من تتبع عورات المسلمين تتبع الله عورته، ومن يتتبع الله عورته يفضحه ولو في قعر بيته) رواه أبو داود.

أيها الأحبة! إن من المسلمين من يستره الله ثم هو بعد ذلك يهتك ستر الله عليه، المقترف العاصي المذنب المخطئ الذي وقع في معصية مطالب قبل غيره أن يستر على نفسه، إذا كان الإسلام يأمرنا أن نستر على العاصي، فإن العاصي هو مأمور أن يستر على نفسه، وليس بمأمور أن يفضح نفسه أو يتكلم.

إن من الناس من يظن أن التوبة لا تتم إلا بالصلاة في مسجد من المساجد عند شيخ من المشايخ وبين يديه، يقف ذلك الشاب الذي يريد الالتزام مطرقاً باكياً دامعاً حزيناً، فيقول: يا شيخ اسمع: إني مذنب وإني أريد التوبة، أولاً: فعلت كذا، ثانياً: سرقت كذا.

ثالثاً: اختلست كذا، رابعاً: عملت هكذا ليس هذا من الدين في شيء، ليس عندنا قسس ولا رهبان ولا كاردنلات ولا زعامات بابوية أو طقوس كنسية يأتي المذنب ليعترف بين يدي أصحابها، (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة:١٨٦] الأمر بين العبد وبين ربه لا يحتاج إلى واسطة سواءً في التوبة أو في الاستغفار أو في السلامة أو في الرجوع عن الذنب والخطيئة، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي سمعه أبو هريرة من فهمه صلى الله عليه وسلم يقول: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا، وقد بات يستره ربه، ثم يصبح يكشف ستر الله عليه) متفق عليه.