للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رجل قلبه معلق بالمساجد]

وثالث الثلة الذين يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله: رجلٌ قلبه معلق بالمساجد، في إحدى الروايات: (ورجل قلبه معلق بالمساجد من حبها) وقيل معلق: أي من العلاقة وهي شدة الحب، والمعنى: أنه طويل ملازمة المسجد يبكر إلى المسجد بعد الأذان أو قبل الأذان ويمكث في المسجد بعد الصلاة، يعتكف في المسجد، يحضر دروس العلم، يحضر المحاضرات يحضر الندوات يحضر الحلقات، يجعل جلوسه في المسجد جلوس طمأنينة وجلوس ارتياح، قلبه غير معلق بالملاعب، وغير معلق بالأرصفة، ولا بصالات التزلج، وغير معلق بأمور الرذيلة، ولا بالإسفاف والإغراق في المباحات أو في أمور اللهو، بل شاب قلبه معلق بالمساجد.

وما أقل الذين تتعلق قلوبهم ببيوت الله جل وعلا.

وقد كانوا إذا عدوا قليلاً فقد صاروا أقل من القليل

حال المؤمن -أيها الأخوة- أن يكون في المسجد كالسمكة في الماء، وأما المنحرف الفاسق فانظر إليه حينما يدخل المسجد كأنه ضب في الماء، المؤمن كالسمكة في الماء وأما المنحرف الفاسق فكأنه الضب يتقلب بعكرته في الماء، يريد الخروج من المسجد من أول وهلة يسلم الإمام.

على أية حال إن التعلق بالمساجد أمر لا يستطيع الإنسان أن يصفه تمام الوصف، ولكن يدركه تمام الإدراك إذا عود نفسه وجاهدها ودربها على المكث والجلوس في المسجد؛ فبكر إليه وجلس فيه وجعل المسجد جزءاً رئيسياً من يومه وحياته.

لا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يداريها