للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما يجنيه اللاهث على نفسه ومجتمعه]

أيها الإخوة بهذه الأمور مجتمعة: تربية منفلتة ضائعة، وقدوة غائبة، وتلميع للفنانين ولنجوم الكرة ولغيرهم، وغيبة لأن يلمع العلماء ورجالات المجتمع؛ جعلت الشباب هشاً مستعداً أن يقلد أدنى صيحة، ولذلك الآن ما ترى تقليعة توجد في الأسواق إلا ولبسها شبابنا وشاباتنا، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه).

وبالمناسبة يذكر أن أحد الوعاظ أو الخطباء كان ذات مرة يروي هذا الحديث، يقول قال صلى الله عليه وسلم: (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) أخرجه الترمذي، فكان هناك أحد من البادية قال: الترمذي هو الذي طلع الضب، أخرجه الترمذي يعني الحديث رواه الترمذي، وهذا يحسب الترمذي هو الذي طلع الضب! وأقول: هذه الأمور مجتمعة جعلت عندنا شباباً مستعداً للانزلاق عند أدنى تقليعة، وأدنى دعاية، وأدنى صيحة.

وبالمناسبة هناك دراسات أجريت على مجتمعنا فأظهرت أن عندنا مجتمعاً يتأثر بالإعلان والدعاية بشكل غريب جداً جداً، واحد يقول: عندي ولد إذا مسك الصابونة عند الغسالة قعد يناقز ويناقز إلى أن أمسكه.

قلت: لا تلومه، هذا صابون زفت، ما تعرفه.

يعني: عندنا شيء مؤثر جداً على عقول الشباب والشابات بطريقة غريبة وعجيبة! فإذا كانت هذه تأثير الدعايات وتأثير الإعلان فما بالك إذا أصبحت تخاطب المشائخ، وأصبحت المجلات والجرائد والبث المباشر الذي بدأ يأتينا من خلال الدش أو الأطباق التي تنصب على السطوح، وكثير من الناس -يا للأسف! - يشتريها دين، بعضهم يتدين ويركب دش، حتى لو أن عنده مليار ما ينبغي لمسلم أن يضر ببيته.

يا إخوان هل فينا رجل أو هل يعقل أن رجلاً يشتري دشاً لكي يستقبل به بثاً يجعل زوجته تتعلم الخيانة الزوجية؟ هل يوجد رجل يشتري دشاً يستقبل أفلاماً تعلم بناته المعاكسة واللف والدوران، وكيف تخرج وتلعب على أهلها وتصاحب صديقها ومن يعاكسها؟ هل يوجد رجل يختار ويشتهي لنفسه أن يستقبل بث يجعل زوجته تنظر إلى أناس يتصارعون شبه عراة؟ أنا لست أدري أين ضاعت الغيرة وأين ضاعت الحمية وأين فقد الإباء والشمم؟!! عجباً لناس تقول لأحدهم: يا حبيبي يا سيدي يا أخي الكريم هات مدرساً شهرياً بثمانمائة ريال يدرس أولادك الحساب والقراءة ويعلمهم أموراً تنفعهم، ويعلمهم القرآن، ويدرسهم السيرة فترفض، ثم تذهب لتشتري الدش بإثني عشر ألفاً، وإذا كان من الدشوش التي تحضر مائة وستين محطة أو أربعة وستين محطة تجده بأبهض الأثمان وأغلى الأسعار؟؟ والله مصيبة! اللاهثون في مجتمعنا كثر، ولم يقف حد اللاهثين عند الشباب المراهقين بل تجاوزه إلى كبار السن، التي يسمونها مراهقة الشيوخ أو مراهقة الكبار، ولا حول ولا قوة إلا بالله! هذه الأوضاع كلها: بث مباشر، مجلات، تلميع إعلامي، نجومية من هنا، وهلم جرا، جعلت الشاب مثل ما قال: يسكر بزبيبة، ينزلق في أدنى شيء؛ ولأجل ذلك ينبغي أن نعرف كيف ندفع الشر عن هذا المجتمع إن كنا صادقين.