للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تأمل في نعم الله]

قف متأملاً في هذه اللطيفة من جليل خلق الله ورأفته بعباده خاصة في هذا الزمان الذي تعددت فيه سبل الراحة والأمان، وتنوعت فيه أسباب الهلاك، هذه السيارة التي تركبها في كل ساعة ولحظة، من سخرها لك؟ تحث حديداً كيفما شئت، وتوقف حديداً متى شئت، من هيأ لك أسباب التمتع بها؟ ومن سخرها في حاجتك؟ ولو شاء ربك لانقلبت هلاكاً عليك وعلى غيرك لعطب أصغر آلة فيها.

هذه الطائرة التي تركبها، من يحفظك فيها وأنت بين السماء والأرض؟ ولو شاء ربك لهوت بك في مكان سحيق، فسبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون.

يا بن آدم! هأنت تتمتع بسمع وبصر وجوارح، من آتاك سمعاً تسمع به، وبصراً تبصر به، وعقلاً تعقل به، ويداً تبطش بها، ورجلاً تمشي بها؟ يا بن آدم! كم من عرق ساكن في بدنك والله لو تحرك ما تلذذت بعيش، وما تهنأت بنعيم.

يا بن آدم! كم من عرق متحرك والله لو سكن لتمنيت الفراق عن الدنيا إن لم تكن فارقتها.

يا بن آدم! تصبح وتمسي معافىً في بدنك، آمناً في وطنك، عندك قوت سنيك ودهرك.

يا بن آدم! أطعمك ربك وسقاك وكفاك وآواك وهداك، ومن كل شيء سألته أعطاك، فهل بعد هذا إلا شكر نعمته، وأن تقول: رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي، وأن أعمل صالحا ترضاه، وأصلح لي في ذريتي إن تبت إليك وإني من المسلمين.

ماذا بعد هذه النعم التي لا تحصيها ولا تدرك منها إلا القليل؟