للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العدل والرفق هو منهج الإسلام]

يقول الله جل وعلا: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة:٨ - ٩] ديننا لا يأمرنا أن نعتدي على أحد، ديننا ينهانا أن نمد يداً على أي أحد، بل قد حُكم ليهوديٍ على علي بن أبي طالب رضي الله عنه، درع علي بن أبي طالب أخذها يهودي فادعاها علي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: (هل لك من بينة -يا علي - أن هذا الدرع لك؟ قال: إنها درعي ولا بينة لي، قال: إذاً لك يمين هذا اليهودي، قال: يا رسول الله! يحلف اليهودي؟ قال: ليس لك إلا يمينه، فقال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله) بالعدل دخلت هذه الشعوب المظلومة إلى الإسلام أفواجاً وزرافات ووحداناً، فلا يظن البعض أن نعتدي، لا والله.

كان أبو بكر رضي الله عنه يرافق القائد بعد أن يعقد له اللواء في السرية، فيقول: [امضوا على بركة الله، امضوا باسم الله، ستجدون أقواماً منقطعين للعبادة في الصوامع، فدعوهم وما انقطعوا إليه، ولا تقتلوا طفلاً ولا صغيراً ولا امرأةً ولا هرماً أو شيخاً كبيراً، وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم] قتال المقاتلة، قتال المعتدين فقط، أما من لا دخل له في ذلك فلا يعتدى عليه، ولا يؤذى، ولا يجرح، ولا يعذب، بل ويعرض عليه الدين بالرفق لينال كرامة الإنسان.

أيها الأحبة: لا تجزعوا مما يحل ويدور بإخوانكم، أقول: لقد هُزِمَ المسلمون في مواقع عدة، وانتصروا في مواقع أكثر، ولكن هل انتهى الإسلام بهزيمة المسلمين في أحد؟ هل انتهى الإسلام بهزيمة المسلمين في معارك أخرى؟ لا.

بل عادوا مرةً أخرى وسيعود الإسلام وقوة المسلمين من جديد.

أيها الأحبة: لا تظنوا أن الساحة قد خلت، والله رأينا شباباً تدفقوا إلى هناك وكلٌ منهم يسأل ربه الشهادة، بل وبعضهم يتناقلون صور الشهداء من إخوانهم، كلٌ يدعو له، ويتمنى أن يكون مصيره مصيره.

أيها الأحبة: هؤلاء الشباب هم قنبلة انشطارية إذا وجدت على أرض البوسنة ستفجر المعنويات، وهؤلاء الشباب هم الذين قالوا للبوسنيين: لا تتركوا البوسنة، لا تغادروا منها، اجعلوا بيوتكم قبوركم، واجعلوا مساجدكم أخاديدكم، وليكن ما يكن، إن من خرج من فلسطين صعب عليه العودة إليها، فلا تكرروا المشوار والمأساة من جديد، ولكني أقول: رسالة إلى علمائنا وعلماء الإسلام عامة أن حثوا الشباب على الجهاد هناك، وقولوا لهم كما قيل من قبل: إن مجاهدة البعث العراقي الغاشم وطرده من أرض الكويت نوع جهادٍ في سبيل الله، نقول: يا أحفاد الشباب! إلى مثل هذه الفتيا، لكي يشاركوا البوسنيين في طرد الصربيين من أراضيهم، ولكي تعود بلادهم كما كانت.

أيها الأحبة في الله: المأساة أكبر مما نصف، وأضخم مما نتكلم، ولكن إذا أراد الله شيئاً فإنما يقول له كن فيكون.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} [القصص:٥].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.