للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طاغية يرفع شعار الحرية]

معاشر المؤمنين: إن طواغيت هذا الزمان، وظلمة هذا العصر من الذين تسلطوا على رقاب شعوبهم فساموهم ألوان الهوان، وساموهم أنواع الخس والعذاب، وجروهم إلى عداوة الدنيا بأجمعها، ولا يخفاكم شأن هذا، إنه شقي العراق ولعل قول الله جل وعلا: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ} [إبراهيم:٢٨ - ٢٩] لعل هذه الآية ممن ينطبق فيه، وقول الله جل وعلا: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْأِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} [البقرة:٢٠٤ - ٢٠٦].

هذه والله أيضاً مما ينطبق على حال ذلك الشقي الطاغية، الذي رفع شعارات جوفاء، ظاهرها الحرية، وباطنها الظلم والاستعباد، ظاهرها المساواة وباطنها العنصرية، ظاهرها الاشتراكية وباطنها الأثرة والسرقة والاستبداد، وأخبث من هذا وأفجر أن يرفع لواء الجهاد من لا يُحكِّم شريعة الله، وأخبث من هذا وأفجر من يرفع راية الجهاد زوراً وبهتاناً، من تعبد القبور في بلاده ويسجد لها ويطاف بها ويذبح لها وينحر لها ويتجمع الناس عندها، ويسألونها تفريج الكربات وجلب الحاجات، ومع هذا يرفع شعار الجهاد وراية الجهاد، أخبث من هذا وأفجر أن يرفع هذه الراية من يحكم القوانين الرومانية الوضعية، أخبث من هذا وأفجر من يعدم أربعمائة شابٍ جمعوا تبرعاتٍ لـ أفغانستان أو كانوا عندهم شيءٌ من التوجه إلى الجهاد في أفغانستان فأعدموا عن بكرة أبيهم، أخبث من هذا وأفجر أن يرفع راية الجهاد من يصنع الخمور في بلاده ويفاخر في تصنيعها معتقةً ينافس بها أنواع الخمور المصنعة في مختلف البلدان، أخبث من هذا وأفجر أن يرفع راية الجهاد من يقتل العلماء غيلةً وعدواناً وظلماً وفجوراً، أين شعوب المسلمين؟ أين الشارع الإسلامي؟ ذلك الذي يسمى شارعاً وليس فيه إلا ذكورٌ لا رجال، كيف يطبلون وراء هذا الطاغية.

وإن من صحيح القول وسلامة المنطق أن نعتقد تمام الاعتقاد أن ما نسمعه من أولئك الذين يسيرون خلف هذه الراية المزيفة إما جهلةٌ لا علم لهم بأدنى حقائق الأمور، ولا ربط عندهم في سباق الأمور ولحاقها، وإما مرتزقة تستطيع أن تسوق الآلاف، بل مئات الآلاف منهم يوم أن تتجول في أحيائهم وتعطيهم قطع الدنانير والدريهمات ليخرجوا لك في مسيرةٍ يؤيدونك فيما تريد.