للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[حكم الموسيقى]

السؤال

لماذا تحرم الموسيقى مع أن كثيراً من الخلفاء كانت مدارسهم عامرة بالغناء مع أن العلم أثبت دورها، قصده: في الراحة النفسية؟

الجواب

يا إخوان: مجالس الخلفاء غير مشرع، التشريع من كتاب الله وسنة رسوله، على صحة ما يقال في ذلك، قد ينسب إلى هارون الرشيد أن إسحاق بن إبراهيم الموسمي يجمع المغنين ويجتمع عنده القينات، هذا لا يليق بخليفة من خلفاء المسلمين الذي حج ماشياً، ويحج عاماً ويغزو عاماً، هذا في الحقيقة من الأغاليط التاريخية التي عمرت بها بعض الكتب التي فيها دش مثل كتاب الأغاني لـ أبي فرج الأصفهاني، ومثل هذه الكتب فيها الغث وفيها السمين.

وبالنسبة لتحريم الأغاني أنا في الحقيقة متوقع أن أسأل عن ذلك، أنا بالنسبة لي وهو الشيء الذي أدين الله جل وعلا بأنها محرمة، لأحاديث كثيرة من أهمها ما ورد في صحيح البخاري: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر - الحر يعني: الفروج- والحرير والخمر والمعازف) وفي أحاديث أخرى: (تروح عليهم ساريتهم ثم يرفع عليهم العلم من الجبل فيطبقها عليهم) أحاديث فيها عذاب شديد والآية: {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان:٦].

قال بعض المفسرين: أما إنه لا يشتريه وإنما يختاره على غيره، فاختياره الغناء على غيره يدخل في اشتراء لهو الحديث، وبالنسبة لما أثبت الطب فالطب ينتقل يوماً بعد يوم، إذا أثبت الطب يوماً ما أن الأغاني لها دور في الراحة النفسية، فقد أثبت الطب فيما قرأت أن بعض الموسيقى سبب الصمم وضعف العيون، موسيقى الجاز والديسكو وغيره لها أثر فإذا كنت ما قرأت هذا فاقرأ.

ثانياً: إذا كان الطب يثبت هذا بالنسبة لأولي القلوب المريضة والسقيمة، فإن أصحاب القلوب الطاهرة والنقية لا ترتاح إلى ذلك، وإن كان الغناء سحره عجيب للقلب، ولا يتركه إلا من جاهد نفسه، فإذا استمر على هذه المجاهدة تركه وأقلع عنه، وهناك عوض عن الغناء بالحداء والأناشيد الإسلامية، والقصيد النظيف، والقصائد الجميلة فيها عوض عظيم لا شك في ذلك، يقول ابن القيم:

تلي الكتاب فأطرقت أسماعهم لا خيفة لكنه إطراق ساهٍ لاهٍ

لا خيفة أي: ليس خوفاً من الله.

وأتى الغناء فكالحمير تراقصوا والله ما رقصوا لأجل الله

دف ومزمار ونغمة شادن فمتى رأيت عبادة بملاهي

بعض الصوفية يقولون: الغناء فيه عبادة، الجنون فنون، الجنون أنواع يعني: إذا ما سمعت فاسمع وإذا عرفت فاعلم، فأسأل الله تعالى أن يوفق الجميع، وعلى أية حالة: لا يمنع كونك تسمع الأغاني أنك تتوب إلى الله، التوبة من المعاصي درجات، شاب لا يصلي ويدخن ويسمع الأغاني أنا بوجهة نظري أن الله يهديه إلى الصلاة مع جماعة المسلمين وموضوع الأغاني موضوع آخر، فلنكن متدرجين، بعض الشباب يقول: لابد أن تصير متديناً مرة واحدة أو لا، نقول له: ليس صحيحاً يا أخي، الناس بشر، هذا الشاب إذا كان ما بقي في قلبه إلا سماع الأغاني كما يقول عمر بن الخطاب لما قال للرجل: أسلم، قال: لا.

أنتم مسلمون وتجلدون شارب الخمر، قال: يا أخي! أنت أسلم أولاً، فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فلما أخذ مدة جاء إلى عمر وقال: أريد أن أشرب الخمر، قال: لا.

أنت مسلم، ولو شربت الخمر جلدناك.

فيا أخواني: ما استطعنا أن نحصل عليه من الخير من الناس ينبغي أن نأخذه لا نرد شيئاً من الخير، شاب يأتي إلى المسجد بعد أن كان يترك الصلاة، هذه نعمة عظيمة! شاب يلتزم بجلساء طيبين، يأتي يوم من الأيام يتوب الله عليه، يأتي يوم من الأيام يقف مع نفسه وقفة صريحة ويقلع عن هذا، ثم ما هي أكبر الذنوب وأكبر المعاصي؟ يا إخوان! أنا أقول: من أراد أن يلتزم بجلساء صالحين يخالطهم ويجالسهم في بيت الشباب، في مركز صيفي، في نادي رياضي، في مكان معين، ليس معنى ذلك -يا أخي- أنك تصير كاملاً، لا.

خالطهم واجلس معهم إذا الله سبحانه وتعالى منَّ عليك بالهداية وأقلعت عن هذا فهذا خير عظيم، وينبغي أن تعرف أنه محرم، وسوف يأتي يوم من الأيام وتتركها إن شاء الله، الذي يأتي ويسلك سبيل الخير أولاً بأول يأتي اليوم الذي يقلع فيه عن الصغائر قبل الكبائر.

يقولون: أن امرأة كان يراودها رجلٌ، وكان يشغلها ويريدها، قالت: أما إذا أردت ذلك فاشهد الصلاة مع الجماعة أربعين يوماً من حين الأذان إلى حين خروجهم، قال: لا مانع في ذلك أربعين يوماً فقط، فلزم المسجد أربعين يوماً، فمرت هذه المرأة، فقالت: انتهى أربعون يوماً وما جئتنا؟ قال: لا، ذاك أمر تركناه.

لا يمنعك من التوبة شيء من الأمور الصغيرة، أنت التزم بالخير واغنم الخير، واغنم الجلساء الطيبين واترك جلساء السوء، ولا تقل: والله أنا لا أجلس مع هؤلاء؛ غداً يكتشفون أني أسمع الأغاني فيتركوني، لماذا يا أخي؟ أنت أجرمت، سيأتي يوم من الأيام ويتوب الله جل وعلا عليك، ولا أحب أن أطيل.

تعليق من قبل المقدم: أريد أن أنوه كذلك أن العلم الحديث كذلك والطب الحديث اكتشف أن بقراءة القرآن المجودة لها أثر في الراحة النفسية لكثير من المرضى.

ولو أطلنا في هذا الموضوع: أنا قابلت مرة مندوب من الجمعية الطبية الإسلامية في فلورينام في أمريكا، وكنت أتناقش معه في بعض الأبحاث، وكان عندهم أبحاث عن عسل النحل وأبحاث في القرآن، يقول: صوت القرآن كلفظ له على النفوس (نفوس كفار أو مؤمنين) أثر في الراحة النفسية بأجهزة كمبيوتر على نبضات القلب ومقاييس على الأعصاب.