للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سبب احتقار الشباب للنفس]

ختاماً أيها الإخوة نقول لبعض الشباب: لماذا تحتقر نفسك؟ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل قرن من يجدد لها أمر دينها).

لماذا لا يكون أحدكم هو المجدد وليس ذلك أمراً عجيباً، ولا على الله بعزيز أن يكون من بينكم مجدد، ليس على الله بعزيز أن يكون أحد لاعبي نادي النصر هو مجدد الأمة في يوم من الأيام.

إذاً أيها الإخوة: لماذا نحتقر أنفسنا؟ لماذا أولئك يعجبون بأنفسهم إعجاباً بليغاً وهم كفار، والمسلم وهو على حق يذل نفسه ويحتقرها ولا يرى لنفسه دوراً ولا مكانة؟ والبعض قد تحدث له صدمة تهزه حتى يبتعد عن الاحتقار إلى تحقيق الذات، ومن أولئك الإمام الطحاوي الذي كان في حلقة مجلس، وكان شيخ تلك الحلقة هو خاله أخو أمه، فكان يجلس بجوار خاله، وكان خاله يشرح ثم يسأله: فهمت يا ولدي؟ قال: ما فهمت، فضرب على كتفه ذات يوم، وقال: قم، أنت لا تصلح لشيء، فقام ذلك العالم النحرير، قال: أنا لا أصلح لشيء؟ ثم طلب العلم حتى انتهت إليه إمامة الدين في زمانه، وجلس ذات يوم في حلقة خاله، وقال: أين خالي ليرى ذلك الذي لا يصلح لشيء.

فأنت يا أخي قد يقابلك من يقول لك: أنت لا تنفع في شيء، أنت لا تصلح لشيء، أنا أذكر شاباً قابل مدير مدرسة أو شيء من هذا، وقال: أنت ما تصلح حتى خباز (طردة شنيعة للأسف!) أخبرني بها وأدركها جيداً، فاستمر حتى أنهى دراساته العليا كاملة عقب هذه الكلمات.

فيا إخواني: ينبغي ألا تكون عبارات الآخرين المسلطة علينا سبباً في احتقار ذواتنا، أنت أدرى بنفسك: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} [القيامة:١٤] مهما حاول الآخرون أن يحتقروك، أو أن يغضوا من شأنك، فأنت أدرى بنفسك درايةً عجيبةً دقيقة، ولكن إياك والغرور، ولا تحتقر نفسك بأي حال من الأحوال.

أيها الإخوة! أقول: ينبغي ألا نحتقر أنفسنا، وينبغي أن يظهر من هذه القاعة عدد من الدعاة والخطباء والمصلحون في هذا النادي وفي المجتمع وفي أماكن عديدة، ينبغي ألا نستسلم للشيطان، وينبغي أن نحقق ذواتنا في مجتمعنا، ينبغي أن نعرف دورنا في الحياة، نحن -أيها الإخوة- ما خلقنا لكي نأكل ونشرب: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:٥٦] جهاز هضمي، وجهاز عقلي، وجهاز تنفسي، وعروق وشرايين، وقلوب وأفئدة، هذا الإنسان قد أودع الله فيه أعجب مخلوقاته ودقيق صنعه سبحانه! ما أودع الله فيك هذا الأمر إلا لسرٍ عظيمٍ جداً ألا وهو أن تكون عامراً لهذه الأرض، وأن تقوم بعمارتها على الوجه والجانب الذي يرضي الله سبحانه وتعالى، فينبغي ألا يحتقر أحد نفسه، ومن ابتلي بشيء من هذا، فليتذكر قول القائل:

دواؤك منك وما تشعرُ وداؤك فيك وما تبصر

وتزعم أنك جسمٌ صغيرٌ وفيك انطوى العالم الكبير

لا تحتقر نفسك، بل أنت كل شيء إذا منَّ الله عليك بالهداية وأكرمك بالاستقامة والملازمة واتباع كتابه وسنة نبيه، ولا أود أن أطيل أكثر من هذا، فإن الإخوة قد أرسلوا لي كرتاً أصفر أو أحمر ما أدري ماذا تسمونه، المهم أنه حان وقت الصلاة بعد قليل.

وأختم هذه المحاضرة بأن أسأل الله جل وعلا أن تكون خالصة لوجه، فهذه نفثات من محب لكم في الله، ومن محب للأندية الرياضية خاصة أن تعود على أنشطة اجتماعية وثقافية ورياضية، وأن يعود التوازن إليها من جديد، وأن تتميز أنديتنا تميزاً، فهذه نفثات ميسورة إن وافقت فيها حقاً فمن الله وحده لا شريك له، وإن كان فيها خطأ فمن نفسي والشيطان.

وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.