للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حتمية عذاب العصاة بقدر ذنوبهم]

نحن لن نكون خوارج فنقول: إن أهل الكبائر وأهل المعاصي لا يدخلون الجنة، حاشا وكلا، فمعتقد أهل السنة والجماعة أن أهل الكبائر من أمة محمد عصاةٌ أمرهم إلى الله إن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم، ولكنهم ليسوا بمخلدين في النار، ولكن من لم يغفر الله له فإنه لابد أن يمسه من عذاب الله ما يمسه حتى يطهر من ذنوبه وغفلاته وسيئاته، وربما شدد له العذاب في قبره، أو شدد له في سكرات موته، أو شدد له في مصائب دنياه، أو شدد له في عرصات القيامة، أو مكث في النار ما شاء الله له أن يمكث حتى يطهر من ذنوبه ويرد على الله عز وجل، لكن لا نتوقع أن أمر الجنة ومنازل الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين تنال بالأمر الهين.

أسألكم بالله هل يستطيع أحد أن ينال الشهادة الجامعية ليسانس أو بكالوريوس بنومٍ في النهار وسهرٍ أمام القنوات والأفلام في الليل، فإذا جاءت الامتحانات كتب فيها ما يكتبه الغافلون والساهون، هل يستطيع أن ينال هذه الشهادة؟ لا، على أهل الشهادات مواظبة دوام حضور مراجعة بحوث دراسة حتى استطاع أن ينال شهادته، وربما تغرب زمناً طويلاً حتى نال شهادته، وربما اضطر أن ينشغل عن حاجات زوجه وأهله حتى ينال شهادته، وهي شهادة قرطاسية يسيرة من أمر الدنيا ما نالها إلا بالمشقة.

واسألوا ضابطاً من الضباط كيف علق نجمة أو تاجاً أو مقصاً أو وساماً أو نياشين، هل نالها بالنوم والعبث واللهو والعصيان والعناد للأوامر؟ ما نالها حتى جاع أياماً، وزحف على بطنه، واختبرت لياقته، واختبرت شدته وتحمله وصبره، وثبت على ذلك زمناً ودورة بعد دورة ومسابقة بعد مسابقة، حتى علق نجمة أو اثنتين أو تاجاً أو مقصين.

واسألوا التاجر كيف جمع هذه الأموال؛ أبالغفلة واللهو والإسراف والتبذير والعبث؟ بل بصرِّ الدينار على الدينار والدرهم على الدرهم والمتابعة، تعبٌ في جمع المال وتعب في متابعة الاستثمار حتى استطاع أن يجمع هذا المال كله.

إذا كان هذا في شأن ما نراه من أمور الدنيا ما نالها أربابها ما حصلها أصحابها إلا بتعب أتظنون أن جنة عرضها السماوات والأرض، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، أتظنونها تنال بالأماني؟ أتظنونها تنال بلعل وليس ولو أني؟

ولست بمرجعٍ ما فات مني بليت ولا لعل ولا لو اني