للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أمور لا تكون العبادة إلا بها]

عباد الله: انظروا ما تقدمون لربكم، انظروا ما ترفعون من أعمالكم بين يدي الله جل وعلا، أهي عبادة احتساب أم عبادة تخلص؟ والمؤسف أن التخلص أصبح سمة في كل أعمال كثير من المسلمين.

أشاهد هذا بعيني في رمضان، وأشاهده في حج بيت الله الحرام، تجد الناس يطوفون كالمجانين، ويسعون ويرمون الجمرات كالمجانين، ويؤدون المناسك على حال عجيبة وغريبة، لا يستشعرون لذة النسك، ولا يستشعرون لذة المشاعر والمناسك، أين عبادة الرضا وعبادة الاحتساب والتقرب إلى الله جل وعلا؟ فتعبدوا إلى الله عبادة خالصة طيبة، واعلموا أن العبادة لا تكون عبادة إلا إذا تحقق فيها أمران: أولها: المحبة.

وثانيها: الذلة.

المحبة لله ولما شرع، والمحبة لعبادته، والمحبة له مع الذلة والانقياد.

يقول ابن القيم في كافيته الشافية:

وعبادة الرحمن غاية حبه مع ذل عابده هما قطبان

وعليهما فلك العبادة دائر ما دار حتى دارت الفلكان

عباد الله: صوموا إلى الله صوم المحبين الخاضعين وتقربوا إلى الله تقرب المحبين الذليلين بين يديه؛ لكي تكون عبادة ترون أثرها في نفوسكم وسلوككم، قال صلى الله عليه وسلم: (آمين آمين، قال الصحابة: من يا رسول الله؟ فذكر منها من دخل عليه شهر رمضان وخرج ولم يغفر له) فما أكثر من دخل عليه شهر رمضان وزادت معاصيهم؛ لأن المعصية تضاعف بشرف الزمان والمكان، فليس الذي يعصي الله في سائر الأيام كمن يعصي الله في رمضان، وليس الذي يعصي الله في سائر البقاع كمن يعصي الله في بيته الحرام: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج:٢٥].

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.