للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قصيدة مؤثرة]

ويا أيها المسلم! أعيد عليك قصيدة قد قلتها من قبل، وليست لي، وإنما نقلتها لأحد السالفين، وهي مؤثرة وأي مؤثرة.

خل ادكار الأربع والمعهد المرتبع

والضاعن المودعِ وأدِ عنه ودعِ

واندب زماناً سلفا سودت فيه الصحفا

ولم تزل معتكفا على القبيح الشنعِ

كم ليلةٍ أودعتها مآثماً أبدعتها

لشهوةٍ أطعتها في مرقدٍ ومضجعِ

وكم خطىً خطفتها في خزيةٍ أحدثتها

وتوبة نكثتها لملعبٍ ومرتعِ

وكم تجرأت على رب السماوات العلا

ولم تراقبه ولا صدقت فيما تدعي

وكم غمطت بره وكم أمنت مكره

وكم نبذت أمره نبذ الحذا المرقَّعِ

وكم ركضت في اللعب وفهت عمداً بالكذب

ولم تراعِ ما يجب من عهده المتبعِ

فالبس شعار الندمِ واسكب شآبيب الدمِ

قبل زوال القدم وقبل سوء المصرعِ

واخضع خضوع المعترف ولذ ملاذ المقترف

واعصِ هواك وانحرف عنه انحراف المقنعِ

إلام تسهو وتني ومعظم العمر فني

فيما يضر المقتني ولست بالمرتدعِ

أما ترى الشيب وخط وخط في الرأس خطط

ومن يلح وخط الشمط بفوده فقد نعي

ويحك يا نفس احرصي على ارتياد المخلصِ

وطاوعي وأخلصي واستمعي النصح وعي

واعتبري بمن مضى من القرون وانقضى

واخشي مفاجاة القضا وحاذري أن تخدعي

وانتهجي سبل الهدى وادكري وشك الردى

وأن مثواك غدا في قعر لحدٍ بلقعِ

آه له بيت البلا المنزل القفر الخلا

ومورد السفر الألى اللاحق المتبع

بيتٌ يرى من أودعه قد ضمه واستودعه

بعد الفضاء وسعه قيد ثلاث أذرعِ

لا فرق أن يحله داهيةٌ أو أبله

أو معسرٌ أو من له ملكٌ كملك تبعِ

وبعده العرض الذي يحوي الحيي والبذي

والمبتدي والمحتذي ومن رعى ومن رعي

فيا مفاز المتقي وربح عبدٍ قد وقي

سوء الحساب الموبقِ وهول يوم الفزعِ

ويا خسار من بغى ومن تعدى وطغى

وشبّ نيران الوغى بمطلع أو مطمع

يا من عليه المتكل قد زاد ما بي من وجل

لما اجترحت من زلل في عمري المضيعِ

فاغفر لعبدٍ مجترم وارحم بكاه المنسجم

فأنت أولى من رحم وخير مدعوٍ دعي

فأسأل الله أيها الأحبة! أن يمن علينا بالرحمة، أسأل الله أن يوقظنا من الغفلات، أسأل الله أن يوقظنا من القيل والقال، والكلام في الغادين والرائحين، لقد شغلنا بالبشر عن أنفسنا، وشغلنا بعيوب الناس عن عيوبنا، وشغلنا بأحداثٍ حولنا عن حدثٍ خطيرٍ يهمنا وهو رحيلنا، نسأل الله أن يستعملنا في طاعته، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا أراد الله بعبدٍ خيراً استعمله، قيل: وكيف يستعمله يا رسول الله؟ قال: يوفقه إلى عملٍ صالح، ثم يتوفاه عليه) نسأل الله أن يوفقنا إلى عملٍ صالح، وأن يتوفانا على عملٍ صالح على أحسن حالٍ ترضيه.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، وصلى الله على نبينا محمد.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الأحبة! يقول الله عز وجل: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى:١٤ - ١٥] ونحن في هذا المقام المبارك الطاهر نجمع بمنٍ من الله وكرم، بين حلقة أو روضة من رياض الجنة وهي ذكر وصلاة فريضة، وانتظار صلاة بعد صلاة، فإذا أتتمناها ببذل في سبيل الله، فلعل ذلك مما نعده للرحيل، وإني أدعوكم بما أوجب الله علينا من الحقوق لإخواننا في أموالنا أن نبذل لهم ما يسر الله من الصدقات والزكاة وأحبابنا أعضاء الهيئة العليا لمسلمي البوسنة والهرسك على الأبواب سيجمعون تبرعاتكم لإخوانكم المسلمين، فلا تظنوا أن القضية انتهت، وإن كان القتال وما أصاب القوم من الجراح والآلام والقروح من أجل المحافظة على الدين والمساجد والمعتقد، فإنهم بحاجة الآن إلى من يعلمهم العقيدة الحقة، وإلى من يبني مساجدهم، وإلى من يداوي مرضاهم ويعالج جرحاهم، فهم أيضاً في حاجة لا تقل عن حاجتهم الأولى إبان المعارك الطاحنة، لذا أيها الأحبة! أدعوكم ونفسي إلى البر والصدقة، وأظن أن الإخوة منسوبي الهيئة العليا لمسلمي البوسنة والهرسك على الأبواب، فجودوا وابذلوا لإخوانكم، أسأل الله أن يجعل ذلك ستراً لنا ولكم عن النار يوم القيامة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.