للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم التشاؤم من شهر صفر]

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، الحمد لله وحده لا شريك له أنشأنا من العدم، وهدانا إلى الإسلام، ووفقنا إلى التوحيد، وأطعمنا وسقانا، وكفانا وآوانا، ومن كل ما سألناه أعطانا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، وتمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، واعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ في الدين ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار عياذاً بالله من ذلك.

معاشر المؤمنين: منذ يومين أهل علينا هلال شهر صفر جعله الله باليمن والإيمان، والسلامة والإسلام لنا ولولاة أمورنا وسائر إخواننا المسلمين، ولكن البعض هداهم الله يتشاءمون من شهر صفر، ومن بعض الأيام في السنة.

أيها الإخوة: هذا من التشاؤم المنهي عنه في الشريعة الإسلامية، وهو من جنس الطيرة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنها من أمر الجاهلية، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا عدوى ولا طيرة، ولا هامة ولا صفر) والتشاؤم بشهر صفر من الطيرة المذمومة التي وقع فيها بعض الناس، فلا تراهم يتزوجون فيه ولا يسافرون، ولا يذهبون أو ينزلون أو ينتقلون، وهو شيءٌ يجدونه في أنفسهم لا أصل له، إذ أن شهر صفر كسائر الشهور يقع فيه الخير والشر، وقد يفضي هذا التشاؤم إلى شيءٍ من الشرك والعياذ بالله، والعياذ بالله لمن غالى في تطيره وتشاؤمه، فظن أن للأيام فعلاً بذاتها من دون تدبير الله وقضائه وقدره.

عن عروة بن عامر رضي الله عنه قال: (ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أحسنها الفأل، ولا تردوا مسلماً، فإذا رأى أحدكم ما يكره، فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك) رواه أبو داود بسندٍ صحيح.

أيها الإخوة: اعلموا ذلك علم اليقين، ومن رأيتموه يتشاءم أو يتشكك أو يتردد في هذا الشهر فانصحوه بالمضي والتوكل على الله جل وعلا في هذا الشهر وفي غيره من سائر الشهور والأيام؛ لأن الإنسان إذا بالغ في تشاؤمه من يومٍ معين، أو من شهرٍ معين، فكأنما يظن أن لهذه الأيام فعلاً وتدبيراً في إحداث بعض المقادير والأقدار، وإنما الأمور بيد الله سبحانه وتعالى، لا يأتي بأحسنها إلا هو، ولا يدفع السيئ منها إلا هو، فلا حول ولا قوة إلا بالله في كل حال.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم دمر أعداء الدين، اللهم أبطل كيد الزنادقة والملحدين.

اللهم من أراد ولاة أمورنا بفتنة، اللهم من أراد شبابنا بضلالة، اللهم من أراد نساءنا بتبرجٍ وسفور، اللهم من أراد شبابنا بفسقٍ وضلال، اللهم اجعل كيده في نحره، اللهم اجعل كيده في نحره، اللهم اجعل كيده في نحره، اللهم أدر عليه دائرة السوء، اللهم أرنا فيه عجائب قدرتك، اللهم افضحه على رءوس الخلائق، ربنا لا تحجب دعاءنا، واستجب لنا فيما دعونا.

اللهم انصر المجاهدين في كل مكان، اللهم انصر المجاهدين في كل مكان، اللهم انصر المجاهدين في كل مكان، اللهم سدد رصاصهم، اللهم اجمع شملهم، اللهم وحد صفهم، اللهم أبعد الفرقة والنزاع بينهم، اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم.

اللهم وفق الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، اللهم اجزهم خير الجزاء، اللهم ضاعف لهم الحسنات، وكفر عنهم السيئات، اللهم وفق الآمرين بالمعروف، والناهين عن المنكر في زمان غربة الدين، وفي زمانٍ أصبح المنكر معروفاً فيه أمام كثير من الناس، وأصبح المعروف منكراً فيه أمام كثيرٍ من الناس، اللهم وفق الآمرين بالمعروف، اللهم ارزقهم الفقه والعمل الصالح، والعلم النافع برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم عجل زوال الفرس، اللهم عليك بالإيرانيين، اللهم عليك بالفجرة الظلمة الفَسقه منهم، اللهم عجل بزوالهم، اللهم عجل زوالهم، اللهم أرنا فيهم يوماً أسود، اللهم أرنا فيهم الكارثة، اللهم احصهم عدداً وأقتلهم بدداً، ولا تبق منهم أحداً، اللهم اجعلهم غنيمةً للمسلمين، اللهم أشعل الفتنة بينهم، اللهم أشعل الفرقة بينهم، اللهم أوقد الاختلاف بينهم، اللهم اجعل بأسهم بينهم، اللهم اجعل تدبيرهم في نحورهم، اللهم اضرب الظالمين بالظالمين، اللهم أهلك الظالمين بالظالمين والكافرين بالكافرين والفاسقين بالفاسقين، وأخرج أمة محمد من بينهم سالمين، اللهم عليك بهم، اللهم فعجل زوالهم، اللهم إنهم لا يؤمنون بكتابك ويقولون: هذا كتابٌ ناقص، إذاً فإنهم يقولون: إن الله لم يحفظ القرآن، وأنت يا رب العزة والجلال تقول: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:٩].

فالله يحفظ كتابه، وهم يقولون: إن القرآن لا يحفظ، اللهم إنهم يسبون صحابة نبيك، اللهم عليك بهم، اللهم فعجل زوالهم، اللهم عجل زوالهم وفناءهم، اللهم لا تحجب دعاء المسلمين فيهم، اللهم قد نما زرع باطلهم وترعرع، اللهم هيئ له يداً من الحق حاصدة تحصد زروعهم، وتستأصل شرورهم بقدرتك وجبروتك يا رب السماوات والأرض.

اللهم اجعلنا من عبادك المحسنين الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون، اللهم اجعلنا على حوض نبينا واردين، ولكأسه من الشاربين، وعلى الصراط من العابرين، وآتنا صحفنا باليمين، وبيض وجوهنا يوم تسود وجوه الكفرة والمجرمين، وأدخلنا الجنة، وأدخلنا الجنة، وأدخلنا الجنة بسلامٍ آمنين أول الداخلين.

اللهم إنا نعوذ بك من فجاءة نقمتك، وزوال نعمتك، وتحول عافيتك، لا إله إلا أنت، سبحانك إنا كنا من الظالمين.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ربنا لا تعذبنا بما اجترح السفهاء منا، اللهم ارحمنا فأنت بنا راحم، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وكن لنا ولا تكن علينا، وانصرنا ولا تنصر علينا، اللهم لا تدع لأحدنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا حيران إلا دللته، ولا مأسوراً إلا فككت أسره، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا غائباً إلا رددته، ولا أيماً إلا زوجته، ولا عقيماً إلا ذرية صالحةً وهبته بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين.

اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اهد إمام المسلمين، اللهم وفق إمام المسلمين، اللهم انصر إمام المسلمين، اللهم ارزقه البطانة الصالحة، وجنبه بطانة السوء، اللهم أصلح ووفق إخوانه وأعوانه، اللهم اجمع كلمتهم على الحق، اللهم وحد صفهم، اللهم اجمع شملهم، اللهم لا تقرب لهم عدواً، ولا تشمت بهم حاسداً، ولا تفرح عليهم كائداً، اللهم سخر لنا ولهم ملائكة السماء برحمتك، وجنود الأرضين بقدرتك بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين.

اللهم اجز والدينا عنا خير الجزاء، اللهم من كان منهم حياً فمتعه بالصحة والعافية على طاعتك، ومن كان منهم ميتاً، اللهم جازه بالحسنات إحساناً، وبالسيئات عفواً وغفراناً، اللهم اغفر لموتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، وماتوا على ذلك، اللهم اغفر لهم وارحمهم، وعافهم واعف عنهم، وأكرم نزلهم، ووسع مدخلهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد، ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم افسح على أهل القبور قبورهم، اللهم نور على أهل القبور قبورهم، اللهم أعنا على ما أعنتهم عليه، اللهم أحينا على الإسلام سعداء، وتوفنا على التوحيد شهداء، واحشرنا في زمرة الأنبياء، اللهم إنا نسألك توبة قبل الموت، وراحةً عند الموت، ونعيماً بعد الموت.

عباد الله: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلملوا تسليماً، اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبيك محمد، صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء، الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن بقية العشرة وأهل الشجرة ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ومنك وكرمك، يا أرحم الراحمين.

عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العلي العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.