للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اسألوا الله حسن الخاتمة]

أيها الأحبة في الله: هذا الحديث عمدةٌ في حسن الخاتمة وسوئها، اسألوا الله جل وعلا أن يحسن لنا ولكم الخاتمة، واسألوا الله جل وعلا الثبات على نعمة الدين، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أفضل الأنبياء وسيد المرسلين، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من ينشق عنه القبر، وأول من تفتح له أبواب الجنة، وأول من ينال أعلى منازلها، وهو صاحب المقام المحمود، وهو صاحب الوسيلة والشفاعة العظمى، الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، كان يطيل قيامه وصيامه، وكان يطيل سجوده وتهجده، ويقول: (يا مقلب القلوب! يا مقلب القلوب! يا مقلب القلوب!) فيا عباد الله! اسألوا الله جل وعلا بهذا الدعاء، اسألوا الله الذي بيده النواصي، اسألوا الله الذي بيده القلوب وهي بين إصبعين من أصابع الرحمن التي تليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، اسألوا الله أن يثبت قلوبنا وقلوبكم على الإيمان، وأن يعصمنا من الزيغ والضلالة، ومن الغواية بعد الهداية، ومن الفساد بعد الصلاح، وأنتم يا شباب المسلمين! إن الكثير من شبابنا يسوفون التوبة، ويؤجلون الإنابة، وينشغلون بالعبث، ويلهون في الباطل ظناً منهم أن الحياة أمامهم وهم في ريعان الشباب وربيع العمر وزهرة الدنيا، يظنون أن الاستقامة تعقيد، وأن الطاعة وسوسة، وأن الإخبات لله تضييقٌ وتشديد، لا والله -يا عباد الله! - إننا نفوِّت على أنفسنا حظاً عظيماً من السعادة بقدر ما نفوِّته من الأعمال الصالحة.

واعلموا أن الموت ساعة لا تتقدم ولا تتأخر، فمن ذا الذي يضمن خروجه من المسجد؟ ومن ذا الذي يضمن يقظته من فراشه؟ ومن ذا الذي يضمن عودته إلى بيته؟ ومن ذا الذي يضمن وصوله إلى عمله؟ إذا كان هذا شأننا فيا عجباً لقسوة القلوب، لا تدري متى تخطف وهي مع ذلك عابثة لاهية!

تزود من الدنيا فإنك لا تدري إذا جن ليلٌ هل تعيش إلى الفجر

فكم من صحيحٍ مات من غير علةٍ وكمن سقيمٍ عاش حيناً من الدهر

وكم من صغارٍ يرتجى طول عمرهم وقد أدخلت أجسادهم ظلمة القبر

وكم من عروسٍ زينوها لزوجها وقد نسجت أكفانها وهي لا تدري