للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مكانة التربية في حياة النشء]

وليست قضية النشء كما قلت آنفاً هي الدواء واللباس والغذاء والشراب وغير ذلك، لا، التربية مهمة جداً، إن الولد الذي نلبسه اليوم ثوباً جديداً سيتحول الجديد إلى ثوبٍ خَلِقٍ بالٍ بعد أسابيع، والذي نشبع بطنه اليوم سيجوع غداً، والذي يتضلع رياً من الماء العذب سوف يظمأ غداً، لكن الولد الذي نملأ دماغه علماً وفكراً لن يضيع العلم أبداً، ولن يضيع الفكر أبداً، ولن تضيع المعرفة أبداً.

وإن أردتم كلمة الحق، يا أيها الأحبة، يا أولياء الأمور، يا من رزقكم الله بالذرية، أنفقوا تسعة أعشار الدخل على التربية والتعليم، واجعلوا العشر الأخير في الطعام والشراب والدواء واللباس، لن يضير الولد أن ينشأ جائعاً، أو لا يلبس شيئاً فاخراً، أو لا يشرب ماءً نقياً، أو شيئاً فيه من الأخلاط أو غير ذلك لكن يضيره ويضره كثيراً أن ينشأ جاهلاً متخلفاً.

وكل امرئٍ والله بالناس عالمٌ له عادةٌ قامت عليها شمائلُهْ

تعودها فيما مضى من شبابه كذلك يدعو كل أمرٍ أوائلُهْ

هذه قضية ينبغي أن نعرفها تماماً.

لقد خرج في مجتمعنا شبابٌ يصدق عليهم قول القائل:

وأنت امرؤ فينا خُلِقْت لغيرنا حياتك لا نفعٌ وموتُك فاجعُ

لو أصابته مصيبة لقيل: اجمعوا له من المسلمين المال حتى نحل مشكلته، لو فقد كِلْية ابحثوا له عن كلية، لو احتاج دماً تبرعوا أيها الناس حتى نعطيه دماً، لو أصابته علة: تصرفوا أيها الإخوة حتى نلتفت لعلته، لكن لما تبرعنا له، وجمعنا له، وانتبهنا له، ماذا قدم للأمة؟! ماذا قدم للمجتمع؟! ماذا قدم لنفسه في طاعة الله؟! ماذا قدم لأبيه وأمه من البر؟! ماذا قدم لإخوانه وأخواته من الصيانة والرعاية والعناية؟! ماذا قدم؟!

الجواب

صِفْر، هو محسوبٌ علينا، مصيبته وموته فاجعة، لكن حياته وعافيته ليس فيها منفعة للأمة، هذا هو الأمر الخطير أيها الأحبة.