للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحذر واليقظة من كيد الأعداء]

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أيها الأحبة في الله! قد يسأل بعضكم فيقول: هل نفهم من كلامك أنه حينما نرى كلاماً يخل بالدين والعقيدة في مجلةٍ نتركه ولا نذكره؟ هل نفهم من كلامك حينما نرى كاتباً أو مفكراً أو فاجراً أو فاسقاً كتب شيئاً يخل بأركان الدين وأصول العقيدة، وخصائص الأمة أن نسكت عليه ولا نذكره؟ لا.

لا تفهموا من كلامي هذا وإنما نريد أن نفهم أن نبقى أعيناً ساهرةً، وعيوناً باصرة، وجهداً متأملاً متثبتاً لمعرفة ما يراد بنا، وما يراد بأخواتنا وبناتنا، وما يراد بشبابنا، وما يراد بثرواتنا، وما يراد بأمتنا ما الذي يكاد لنا ولعلمائنا ولولاة أمرنا، نريد أن نبقى أعيناً ساهرة، وأعيناً باصرة، فإذا وجدنا ما يخل بذلك من شيء أخذناه ورفعناه إلى عالمٍ من العلماء، وحينئذٍ تبرأ الذمة.

وأقول لكم: يا شباب الإسلام! قد يظن البعض أن العلماء لا يقدمون شيئا، قد يقول البعض: إن العلماء لا يفعلون شيئا.

والله أيها الأحبة -وهذه نعمة من الله- إن علماءكم لعلى صبرٍ وجلدٍ، وعلى تحملٍ فيما يلقون ويسمعون ويرون من كثير من يتصل بهم من الغيورين والمخلصين، وهم يبذلون بذلاً حثيثاً لمعالجة هذه الأمور بالطرق الشرعية، ولكن هل من شرط ما يعمله العلماء أن يعلمه العامة؟ هل من شرط كل عملٍ يعمله العالم أن يعرفه العامة والخاصة، والصغير والكبير على حدٍ سواء؟ لا، يكفي منك إذا وجدت ما يخالف أو يناقض أو يخل أن تذهب بما رأيته -في أي شيءٍ كان- ثم تعرضه على عالمٍ من العلماء وتقول له: اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد اللهم إنها من رقبتي إلى رقبتك، وحينئذٍ تبرأ ذمتك بإذن الله إذا كان هذا غاية ما تستطيعه وإن كان بمقدورك أن تتصل بمسئولٍ أو وليٍ من ولاة الأمر، أو علمت أن غيرك قد كفاك أو بلغ عنك هذا الأمر فحينئذٍ بلغ الأمر وقامت الحجة وبقيت في رقاب العلماء.

الذي نريده أيها الأحبة: ألا نكون في خللٍ من تصرفاتنا وسلوكنا وفي المقابل أن نكون على برودٍ وجمود، لا نريد هذين الأمرين أبداً، إنما نريد عملاً دءوباً ورصداً مستمراً، وأدعوكم أن تفتحوا أبصاركم جيداً لكل ما يدبره أعداؤكم، ولكل ما يخطط الأعداء؛ لأننا لا نشك أن في كل مجتمعٍ عدوٍ وصديقه منافق، فلا بد أن تنتبهوا لهذا الأمر وحينئذٍ أيها الأحبة: بلغوا ما ترونه إلى العلماء وإلى ولاة الأمر، هذا سبيل عليه من الحق دليل، وعليه من الشرع برهان، وما سواه فإنا نشك في وجود ما يدل عليه، ائتوني بدليلٍ على المنشورات، أعطوني دليلاً على هذه المنشورات! لا دليل عليها أبداً، وأقول هذا الكلام وأعيد وأزيد أننا ما بلغنا هذه المرحلة، ولكن أحذر من أن يندس في صفوفنا من يجعل أسلوب المنشور من أساليب الدعوة، لا وألف لا، ليس من أساليب الدعوة إلى الله، وإذا احتاجت الأمة أن تشهر بفاسقٍ من الفاسقين أو أن تحذر بمجرمٍ من المجرمين فحينئذٍ حينما يظهر عليه فتوى، والله لا يرحم عرضه في مجلسٍ ولا منبرٍ أبدا، ولكن من الذي يفتي بتشهيره من الذي يفتي بالحديث عنه، من الذي يتكلم عنه؟ من عرفناه بعلمه وتقواه وسابقته في دين الله جل وعلا.

أيها الأحبة في الله! أسأل الله أن يرشد هذه الصحوة وأن ينفع الأمة بها، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك فيها إننا لفي خيرٍ عظيم، وعلى خطرٍ عظيم، فنحتاج أن نجعل خيرنا في مواجهة هذا الشر، وأن نجعل صلاحنا في مواجهة الخطر، بالأساليب التي تحفظ لأمتنا ولمجتمعنا التوازن الذي نريده ونرغبه فيه على كل حالٍ من الأحوال.