للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ترك المعاصي]

أيها الأحبة: ليس الاستعداد للموت بلزوم المساجد والبكاء فيها وعدم الخروج منها، لا.

ما هكذا نستعد للموت!! ليس الاستعداد للموت أن نقبع في البيوت ونترك أسباب الحياة، ونترك الجهاد والدعوة، ما هكذا الاستعداد للموت!! الاستعداد للموت -يا عباد الله! - بترك المنكرات أولاً، الاستعداد للموت -يا عباد الله! - بترك المعاصي أولاً، الاستعداد للموت برد المظالم إلى أهلها، برد الحقوق إلى أصحابها، كيف يطمئن نائمٌ وهو يعلم أن النوم ميتة: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً} [الزمر:٤٢]؟ كيف يلتذ نائمٌ بنوم وفي رقبته ديونٌ معلقة، وهو يعلم أن الحقوق يوم القيامة لا تغتفر إلا برضا أصحابها؟ ومن ذا الذي يرضى بحسنة يوم القيامة إذا كنت لا تسمح بحسنة لأمك؟ وإذا كان أبوك لا يسمح بحسنة لك؟ فكيف تظن واحداً من سائر الناس يتنازل أو يرضى بحسنة يتركها أو يدخرها من أعمالك لتضاف إلى كفة ميزانه؟ حقوق الله مبنية على الصفح والمسامحة، وحقوق العباد مبنية على الضيق والمشاحة.

جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (يا رسول الله! أرأيت إن قُتلت في سبيل الله أتغفر ذنوبي؟ قال صلى الله عليه وسلم: نعم، إن قتلت في سبيل الله صابراً محتسباً، مقبلاً غير مدبرٍ تغفر ذنوبك، ثم ولى الرجل فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم مرة ثانية، فقال: كيف قلت؟ قال: قلت: يا رسول الله! أرأيت إن قُتلت في سبيل الله أتُغفر ذنوبي؟ قال: نعم إن قتلت صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر تغفر ذنوبك إلا الدين، فإن جبريل أخبرني بذلك آنفا).

فيا عباد الله! الاستعداد للموت بإزالة الشحناء والعداوات والبغضاء من القلوب، الاستعداد للموت برد الحقوق والمظالم إلى أهلها، الاستعداد للموت بترك المعاصي والمنكرات، كيف نكون مستعدين للموت واللهو والطرب في بيوتنا وسياراتنا، نصبح ونمسي عليه، إلا ما شاء ربك من قليلٍ من العباد؟! كيف يكون الاستعداد للموت والكثير لا يعرفون صلاة الفجر مع الجماعة؟! كيف الاستعداد للموت والكثير لا يبالي بأمر الله في حلالٍ أو حرام؟! كيف نستعد للموت والكثير يحمل الحقد والبغضاء والشحناء في قلبه؟!