للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[غفلتنا عن الشرع والتفاتنا إلى النعم]

فيا عباد الله: إن المتأمل لأحوال المسلمين في أصقاع المعمورة، والمتدبر لجوانب معايشهم وحياتهم، وتعليمهم واقتصادهم، وعلاقاتهم ومعاملاتهم لَيَجِد أن المسلمين مستضعفون في عامة البلاد إلا في هذه البلاد {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [المائدة:٥٤].

ولكن ما السبب في ذلك يا عباد الله؟! المسلمون في غالب الأحوال مشردون، والمسلمون في غالب الأحيان يُقْتلون، وأطفالُهم ييتمون، ونساؤهم تُرَمَّل، فما السبب في ذلك يا عباد الله؟! أهو أمْرٌ جَنَوه على أنفسهم؟! {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران:١٦٥]! أهو أمْرٌ بسبب تقصير المسلمين وتفريطهم في حق إخوانهم؟! أهو عدمُ التفاتٍ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم، كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).

نعم هذا واقع يا عباد الله، نحن منشغلون غافلون عن هذا الحديث! أهو عدم التفات لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً.

وشبَّكَ النبي صلى الله عليه وسلم بين أصابعه).

نعم، نحن في غفلة في شهواتنا! نحن في غفلة في ألوان ملذاتنا! نحن في غفلة وسكرة من هذه النعم التي بأيدينا! نحن في غفلة في ذلك كله عن هذا الحديث! نحن في غفلة عن الأثر الذي يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، ومن أمسى وأصبح غافلاً عن شأن المسلمين فليس منهم).

نحن في غفلة عظيمة، وسكرة كبيرة عن ذلك كله! وما سبب هذه الغفلة؟! ألأَنَّا نستحق النعمة، وغيرنا يستحقون العذاب؟! ألأَنَّا نستحق العزة، وغيرنا يستحقون الذلة؟! لا وربي، لا والله، إنما ابتلى الله بعض العباد وما ابتلى غيرهم.

ويبتلي الله بعض القوم بالنعم

نسأل الله ألا تكون استدراجاً لنا.