للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطورة المجاهرة بالمعاصي]

لقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين، قالوا: ومن المجاهرون يا رسول الله؟ قال: الذين يذنبون أو يعصون الله فيمسون يسترهم الله فيصبحون يكشفون ستر الله عليهم، يقولون: فعلنا وفعلنا) وما أكثرهم في هذا الزمان! يسافرون في الإجازات ونهاية عطلة الأسبوع وغيرها من المواسم والمناسبات، فإذا عادوا: هذه صورتنا يوم كنا كذا، وهذا صورتها يوم كانت كذا، وهذا مقامنا في مكان كذا، يسترهم الله وهم يفضحون أنفسهم! إن الله ستير يحب الستر.

ونسوق هذا ونكرر أن الكلام هذا ليس بدعوة إلى الجرأة على المعصية، وإنما هي دعوة لمن أذنب أن يتوب، ولمن أسرف أن يئوب، ولمن أخطأ أن يستغفر، ولمن وقع في الذنب أن يعلم أن له رباً يغفر الذنب ويقبل التوبة ويعفو عن السيئات.

فيا عباد الله: توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم.

يا عباد الله: توبوا إلى الله من صغير الذنوب وكبيرها

خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى

واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى

لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى

يا عباد الله: توبوا إلى الله من كثير من الذنوب التي درجت على الألسنة، وكثير من الخطايا والآثام، فلنتب إلى الله من الغيبة، ولنتب إلى الله من النميمة، ولنتب إلى الله من الحسد والحقد، ولنتب إلى الله من ازدراء الناس واحتقار الخلق والتهاون بشأن الخلق، إن من الناس من لا يرى في نفسه ذنباً ولا عيباً وقد جمع ألواناً من الذنوب لم يجمعها من ظهر فسقه في بعض الأمور؛ وذلك بغيبة لا تكل، ونميمة لا تمل، وازدراء لا حد له، إن احتقار الخلق أمر عظيم (بحسب امرئ من الشر- يكفيه شراً- أن يحقر أخاه المسلم) وهذه من الذنوب الشائعة العامة بين العباد.

ومن الذنوب أيضاً: ما تساهل به كثير من الناس تحت دعوى الأخبار والمسلسلات أو التحقيقات، فجثم بإرادته طبق يستقبل السموم على سطح بيته، ويعد أنه يستقبل بهذا أخباراً غاديةً ورائحةً، والله لن تسأل عنهم ولا عن أخبارهم، ولو حفظ أخبارهم عن ظهر قلب ما نورت لحدك، وما وسعت قبرك، وما أخرت أجلك، وما بسطت في رزقك، وإنما جررت ذنباً على نفسك وذنباً على أبنائك، فتب إلى الله وأزل هذا، نقول هذا نصيحة لكل من وضع الطبق على سطح داره أن يزيله حتى لا يبارز ربه بالمعصية، والذنوب نوعان: ذنب خفي وذنب جلي، فالذنب الخفي أهون بكثير من الذنوب الجلية.

فيا عباد الله: توبوا إلى الله، يا عباد الله! ناصحوا إخوانكم وناصحوا جيرانكم، ونادوهم برقيق العبارة ولطيف القول ولين الخطاب، وليعلموا أن الباعث ليس الأمر والنهي وإنما هو الخشية والوجل والخوف والمحبة، حينئذٍ لعل قلباً أن يستمع، ولعل نفساً أن تنزجر أو ترعوي.

أسأل الله جل وعلا أن يتوب علينا من ذنوب خفيت وظهرت، وأسأله سبحانه وتعالى أن يسترنا بستره، وألا يكشف سرائرنا، وألا يهتك أستارنا، وألا يفضح عوراتنا، أسأله سبحانه وتعالى أن يصلح لنا السيرة والسريرة، والظاهر والباطن والسر والعلانية.

اللهم اغفر لنا، اللهم اغفر لنا، اللهم أنت ربنا لا إله إلا أنت خلقتنا ونحن عبيدك، ونحن على عهدك ووعدك ما استطعنا، نعوذ بك من شر ما صنعنا، نبوء لك بذنوبنا فاغفر لنا فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.

اللهم صل على محمد وآله وصحبه، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر أعداء الدين، اللهم ارحم المستضعفين في البوسنة، اللهم ارحم المستضعفين في كشمير، اللهم أقم التوحيد في بلاد المسلمين، اللهم انصر المسلمين في فلسطين، ورد المبعدين إلى بلادهم، وأصلح شأنهم يا حي يا قيوم.

اللهم أهلك اليهود، اللهم اجعلهم شذر مذر، اللهم اجعلهم غنيمة للمسلمين يا حي يا قيوم، اللهم ارحم المستضعفين من المسلمين في السجون والزنازين، اللهم اجعل لهم مما هم فيه فرجاً، وعجل لهم في أمرهم مخرجاً، اللهم احفظ عوراتهم، وآمن روعاتهم، واستر ذرياتهم، وتكفل بأبنائهم وآبائهم وأمهاتهم يا رب العالمين.