للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نجاح التغريب]

أيها الأخ المحب! لعلك ترى وتلحظ كثيراً من المراهقين في مجتمعنا أصبحوا في سلوكهم، وتصرفاتهم، بل وفي زيهم برهاناً ودليلاً قاطعاً على نجاح التغريب، أتدرون ما هو التغريب؟ أن تتعلق النفوس والقلوب والأفكار بالغرب وما فيه، وبما أنتجه، وبما صدَّره، وبكل رذيلة وفاسدة، مع بقاء هذه الأجسام حتى لو لبست زيها، أو تقلدت سمتها، إن هذا لأكبر دليل على نجاح التغريب عبر القنوات الفضائية، وإلا فبِمَ تفسرون ظاهرة تقليد الكثير من المراهقين وغيرهم لغالب ما يرون من الشاشة؟ فكم رأيتم وعُدوا وأحصوا في تجوالكم وفي أيامكم، في ذهابكم وإيابكم، في تجوالكم وتطوافكم، كم رأيتم من شاب من المراهقين خرج على غير عادة أهله، وسمت مجتمعه في سروال إلى ركبته، وقد لبس قميصه، يحمل من الشعارات والعبارات ما يفقه وما لا يفقه، ولا تنسَ تلك القبعة المضحكة، التي أصبحت اليوم تقليداً لبسه أغلب المراهقين، ولو لُبست بالأمس قبل أن يراها المراهقون على تلك الشاشات والقنوات لضحكوا على من لبسها، لكنها الآن لا تجد طفلاً صغيراً أو مراهقاً أو شاباً بالغاً إلا وقد لبسها إلا القليل، فيا سبحان الله! كيف يُصبح أولياء المهزوم والمذبوح والقتيل مغرمين بتقليد السفاح والمتسلط في هيئته، ولبسه وزيه؟ لو أن أحداً قتل قريباً من أقاربه، أو آذى ولداً من أبنائه، أو آذى أحداً من أقاربه لكرهت زيه وهيئته وما كان من خصوصياته، لو أن شخصاً بينك وبينه عداوة، لوجدت أن أبغض ما لديك أن تقلده أو تحاكيه فيما هو من خصائص شخصيته، فَلِمَ يقلد بعض شبابنا اليوم أعداءهم الذين يحتقرونهم ويبغضونهم، ولا يكفون عن تدبير المؤامرات لسلب ثرواتهم، وإضعاف شوكتهم؟! إن إيقاظ جذوة العداء النفسي عند المسلمين تجاه أعدائهم، من الأمور التي تحفظ على الأبناء تميزهم، واستقلال شخصياتهم.

إن تبسيط مفاهيم الولاء والبراء لدى هؤلاء الناشئة، في المدارس وعبر الإعلام وغير ذلك، وغرسها في قلوبهم من أهم ما يحفظ على الأمة استقلال شخصيات أبنائها.

إن إيحاء وتصريح المعلمين إلى الطلاب في تلك المراحل بأن أعداء الإسلام وإن ضحكوا أو هادنوا إلا أن الأحقاد الكامنة تبدو في فلتات الألسنة، وتقلبات المواقف.

قد ينبت المرعى على دمن الثرى وتبقى حزازات النفوس كما هِيَ

نحن لا نريد أن نضخم أعداءنا فنعطيهم أكبر وأكثر مما يستحقون من واقعهم وقدرهم؛ ولكن لا يجوز أن يُنسينا لين ملامس الأفعى عما في جوفها من السم الزعاف.

إن الأفاعي وإن لانت ملامسها عند التقلب في أنيابها العطبُ