للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المبادرة بالأعمال قبل الفتن]

في الصحيح عند الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم: (بادروا بالأعمال ستاً: طلوع الشمس من مغربها، أو الدخان، أو الدجال، أو الدابة، أو خاصة أحدكم، أو أمر العامة).

بادروا، أي: أسرعوا، اعملوا، اجتهدوا قبل أن يُغلق باب التوبة، فتطلع الشمس من مغربها، أو أن تأتي آية وعلامة من علامات القيامة: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الدخان:١٠ - ١١] أو الدجال فتنةٌ قد ضل كثيرٌ من الخلق في فتن دونها، فما بالك لو خرج الدجال في زمن تعلقت عقول البشر وأفئدة بعضهم بالخرافات والخزعبلات والسحرة والكهنة والشياطين.

ألم يُصدق كثيرٌ من الناس أن تيساً من البهائم يشفي، أو ينفع، أو يضر، وأن ضريحاً لأحد المخرفين يجلب نفعاً، أو يدفع ضراً؟ ألم يصدق بعض المساكين أن بعض الأولياء يدبر أو يتصرف؟ ألم يصدق بعض الذين وقعوا من حيث يعلمون، أو لا يعملون في الشرك أن الذبح عند ضريح أو دعاء ميت، أو الاستغاثة بولي ربما دفعت عنهم كربة، وكشفت سقماً، وأحضرت خيراً ونفعاًُ، فما بالك لو خرج الدجال بين أعينهم، فقسم ونشر رجلاً من الناس قسمين، ثم رده كما كان، أتظنون أن الذين ضعفوا وانهاروا وخاروا وصدقوا فتناً صغيرةً يسيرةً، مع ما فيها من الكذب والسحر والشعوذة والخزعبلات، أتظن أولئك الذين انطلت عليهم الصغائر يثبت إيمانهم عند تلك الكبائر؟ يأتي الدجال إلى المكان الخرب من الأرض، فيقول: أخرجي كنوزك، فتتبعه كيعاسيب النحل، ويشق الرجل شقين، ويمر بينهما، ثم يأمر كل قسم أن يعود فيعود، ويعود الرجل ماشياً كما كان.

الدجال فتنة، وما من نبي إلا حذر أمته من الدجال، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إنه ما من نبي إلا حذر أمته الدجال، فإن يخرج- يعني: الدجال- وأنا فيكم فأنا حجيجه، وإن يخرج وقد هلكت، فامرؤ حجيج نفسه، ألا هل بلغت اللهم فاشهد).