للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ترك صلاة الجماعة ينافي التوقير]

معاشر المؤمنين! إن كثيراً من الذنوب والمعاصي التي يقترفها كثيرٌ من الخلق في هذا الزمان، الباعث على تسلطها في نفوس أصحابها ألا وقار ولا هيبة حق الهيبة والخشية من الله جل وعلا، والدليل على ذلك أن الواحد من البشر ربما استحى أن ينظر إليه خادمه وهو يقارف معصيةً من المعاصي، ولا يستحي من رب العباد! ربما أحدهم يتوارى عن الطفل والمرأة والصغير عند ذنبٍ من الذنوب، ولا يبالي بأن الله لا يعزب عن علمه مثقالُ ذرةٍ في الأرض ولا في السماء، وإن من الذنوب والمعاصي، التي عم البلاء بها في هذا الزمن من كثيرٍ من المسلمين ترك الصلاة مع الجماعة، تلك الفريضة الجليلة التي تلقاها النبي في المعراج من ربه بلا واسطة، تلك العبادة الجليلة التي هي مقياس الإيمان والنفاق في نفوس الناس، وكثيرٌ من العباد ونعوذ بالله أن نكون منهم في عداد المنافقين ولا يعلمون، لأن من صفات المنافقين التهاون بالصلاة، لا يذكرون الله إلا قليلاً: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً} [النساء:١٤٢].

والنفاق معاشر المؤمنين! من أعظم الدلالات عليه: أن يجد العبد في نفسه تثاقلاً عند القيام إلى الصلاة، نعم فالصلاة كبيرة وعظيمة إلا على الخاشعين: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة:٤٥] عظيمةٌ جداً ثقيلةٌ على النفوس التي تتكلفها.

أما الذين يجاهدون نفوسهم لأجلها، أما الذين يجدون حرباً مع الشيطان عند القيام إليها، فأولئك على دلالة خير، لأن المجاهدة سبيل الهداية: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:٦٩].