للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مساوئ تعليم الفتاة بنظام الساعات]

عباد الله! ومع هذا كله وبالرغم مما تقرءونه وتسمعونه عن أهمية العناية بهذا الأمر، وخطر التهاون به، فإن تسيب الفتاة وإتاحة فرصة الانفلات بين يديها سانحة لا زالت قائمة، إن تسيب المرأة في بعض الدوائر وفي بعض القطاعات لا زال قائماً، ولا ندري من الذي يقف وراء هذا الأمر بعد كلام الله وبعد رسوله، ثم بعد الأمر والتعاميم الملكية السامية، لا ندري من الذي يقف وراء هذا ويماطل أو يسوف في سد ثغراته وتتبع منافذه بتعديل أو إصلاح، أتدرون أين هذا التسيب؟ إن صورة واحدة من صور هذا التسيب ظهرت جلية في جامعة الملك سعود في نظام الساعات الذي ثبت فشله، وثبت عدم صلاحيته، وثبت أثره في قلة تحصيل الرجل والمرأة، وفي ضعف المستوى العلمي، ذلك النظام الذي ثبت فشله أيضاً في المدارس الثانوية المطورة للبنين، والبنون أقل خطراً من البنات، ومع ذلك لاحظ المخلصون والتربيون والغيورون خطورته؛ لأن فيه فتح باب الجريمة والفاحشة بين الشباب، زيادة على ما فيه من التسيب والتفلت عن الانضباط التعليمي، فيخرج الشاب الساعة والساعتين عن مدرسته ولا تسأل عما يدور بينه وبين بعض المراهقين من أنداده وأضرابه.

إذا كان هذا خطر نظام الساعات على البنين الذي ألغي وتم إلغاؤه بفضل الله، فما بالكم بنظام الساعات في تعليم الفتاة؟ عباد الله كم لهذا النظام من ضحايا بين البنات قتيلات وجريحات وأسيرات؟ غريرات دخلن الجامعة وما كن يعرفن الفساد والجريمة، وما كن يعرفن الانحراف والزيغ والهوى، والشذوذ والفاحشة، فتعلمنه من فئات من البنات ممن سبقهن بالدراسة سنوات، وتتابع نسل المعاصي على يد أرباب الهوى والشهوات، ومن يحبون أن تشيع الفاحشة في المؤمنين والمؤمنات، فهل لهذا التسيب من حد؟ هل لهذا التفلت من حد؟ هل يتحرك الغيورون من ولاة الأمور، وأولياء أمور كل فتاة في الجامعة للمطالبة بإلغاء هذا النظام، وتحويله بدلاً من ترفيعه وتعديله؟ وإن قالوا فيه ما فيه من الكلفة، أو فيه من التكلفة المادية نقول لمن قال هذا: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة:٢٨] تتبعوا رضا الله، ومن تتبع رضا الله، ومن آمن واتقى فتحت عليه بركات السماء، وظهرت له بركات الأرض.

عباد الله! أتدرون ما نظام الساعات؟ أن تتخرج ابنتي وابنتك، وأختي وأختك، أو موليتي وموليتك من الثانوية فتلتحق بالجامعة فحينئذ لا تجد نظاماً يضمن لها أن تبدأ الدراسة في الصباح فتنتهي دراستها عند أذان الظهر، أو في ساعة محددة، إن نظام الساعات يعني أن تبدأ الدراسة في صباح هذا اليوم ثم تتعطل الفتاة ثلاث ساعات أو ساعتين ليس عندها درس أو محاضرة، ثم محاضرة قبيل الظهر، ثم محاضرة عند العصر، فما حظ ولي الأمر؟ ما حظ المسكين ولي هذه الفتاة؟ يرمي بها عند باب الجامعة في الصباح وتقول له: تنتهي آخر محاضرة عندي بعد العصر، أو قبيل المغرب، فيخرج الولي إن كانت فتاة طيبة لزمت عتبة قاعتها وما خرجت، وإن كانت غريرة أو جاهلة فضلاً عن كونها فاسدة أو منحرفة، فإنها تتلقى من صويحبات السوء وجارات الرذيلة ما تتعلم منهن به كيف تتصل في ساعات الفراغ بالشباب، وكيف تخرج إلى المطاعم، وكيف تخرج بحجة الذهاب إلى حاجة صغيرة أو كبيرة وماذا بعد ذلك؟ تخلو بالشباب، واسألوا هيئات الأمر بالمعروف، واسألوا هيئات النهي عن المنكر، كم ضبطوا من مئات، وأكثر من المئات من حالات الاختلاء المحرم، والخلوة بين فتى وفتاة وشاب وشابة لا تمت له بصلة، وبعد التحقيق والسؤال

و

الجواب

من أين أخذتها؟ من بوابة الجامعة، من باب الجامعة، من باب الكلية.

ساعتان أو ثلاث أو أربع أو أقل يحق لها في نظرها أن تسرح وتمرح بها كيفما شاءت، فيخرج بها أولئك الذئاب وأولئك المجرمون، ولا أكتمكم سراً، والله إن واحداً من الشباب ممن منَّ عليهم بالتوبة والهداية جاءني وأخبرني أنه في وقت ضلالته وماضي انحرافه كانت له علاقة بفتاة متزوجة تدرس في الجامعة لمدة ستة أشهر.

كيف يأتي إليها؟ أتأتيها في بيتها؟ قال: لا.

أتواعدها في السوق؟ قال: لا.

قلت: إذاً أين؟ قال: عند الجامعة.

يضعها زوجها وأنا أنتظره ثم تخرج لي بعد قليل، ويذهب بها ويقضي منها ويقضي زملاؤه منها أوطاراً، ثم يعود ليردها قبل نهاية آخر محاضرة لها، سواءً درست ذلك اليوم أو تغيبت، أو خرجت معه في وقت الساعات التي أتيح لها التسيب.

أبعد هذا نظن أن في هذا النظام بركة؟ أبعد هذا نظن أن في نظام الساعات خيراً للفتاة سواءً في تعليمها أو عفتها، أو حيائها أو حشمتها، أو الوفاء لأهلها، أو حفظ نسبها أو فراش أهلها، أو مستوى تحصيلها؟ والله ليس فيه أي فائدة، ما الداعي إلى الإمعان والمكابرة والبقاء على هذا النظام وما فيه أدنى فائدة؟