للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أيها المسيء احذر!!]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جل عن الشبيه والمثيل والند والنظير، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد: عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:١].

معاشر المؤمنين! معاشر الأحبة: كثيراً ما نواجه ويواجه كل واحدٍ منكم طوائف من الشباب ومن كبار السن من اللاهين العابثين الغافلين عن الآخرة، العابثين في دنياهم، اللامبالين بأي مصيرٍ يئولون إليه وينتهون عنده، إن قدمت شريطاً فيه موعظة لا يسمعونه، وإن قدمت رسالة فيها كلامٌ جميل لا يقبلونه، وإن قدمت نصيحة لا يرعوون لها، وإن تلطفت مع طائفة منهم يظنونه ذلاً واحتقاراً، وإن أخلصت النصيحة لأحدهم ظنوه استعلاءً وتكبراً، والله إن العقل والفكر ليحارا، ويصبح الحليم حيران أمام طائفة من أولئك اللاهين العابثين، الذين لا يعرفون المساجد إلا نزراً يسيراً، ولا يذكرون الله إلا قليلاً، ولهم في بلاد الغرب مع البغايا والفاجرات صولات وجولات، كيف الطريق إلى قلوب هؤلاء؟ كيف يُدعون إلى الله؟ كيف يُنادَون إلى كتاب الله؟ هل نيأس منهم؟ {إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف:٨٧] هل نحكم عليهم بالشقاء؟ كلا لأن المسلم ليس مسئولاً أن يحكم على الناس في نهاياتهم أن يكونوا من أهل الجنة أو أهل النار، وعقائد أهل السنة جميعاً ناطقةٌ بأنهم جميعاً لا يشهدون لأحدٍ بجنة أو نار، لكن يخشون على المسيء العقاب، ويرجون للمحسن الثواب، هل يعتبرون من سقط المتاع أو على هامش الحياة؟ لا والله يا عباد الله! هناك مدخل رئيس، وهناك حقيقة لا بد من طرحها، وقضية لا بد من مواجهتها؛ قضية لا بد أن نواجهها نحن، لا بد أن يواجهها كل واحدٍ في هذا المسجد، ولا بد أن يواجهها كل مسلم وكافر، كل بعيدٍ وقريب، كل ذليل ٍوحقير، كل عزيزٍ وأمير، كل صعلوكٍ ووزير، هي حقيقة الموت، هي نهاية المطاف، هي خاتمة الدنيا.

إن كل البشرية تشهد وتعلم وتنطق أن نهايتها هي الموت، وأن منتهى الطريق بالنسبة لها هي الانقطاع عن هذه الدنيا؛ انقطاع النفس والروح، وانقطاع الجوارح؛ فالعين لا تبصر، واليد لا تتحرك، والأذن لا تسمع، والنفس لا يجري، والدماء لا تتحرك، والشرايين لا تنبض، إنها النهاية الأخيرة التي يواجهها ويقف أمامها كل صغيرٍ وكبير، كل بعيدٍ وقريب.