للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[آخر الأحداث في أفغانستان]

السؤال

السائل يقول: فضيلة الشيخ! بعض الإخوة يطلب من فضيلتكم أن تتكلمو عن آخر مجريات الأحداث في أرض أفغانستان المسلمة، لعل الله عز وجل أن يفتح بهذه الكلمة قلوباً غلفاً، وآذاناً صماً، فأفتونا أفادكم الله؟

الجواب

والله يا إخوان إن الحديث عن الجهاد والمجاهدين قد كثر وطال وتعدد وتنوع، أفغانستان أرض ملغمة، وبستان أُحرق، وبهيمة أُهلكت، ورجل قطعت، وعين سملت، ويد شلت، وطفل يتيم يصيح أين أبوه، وامرأة أرملة، وعجوز ضعيفة، وكهل لا حول له ولا قوة، هذه أفغانستان، زر، اذهب، انظر، اقرأ، هذا وضع أفغانستان، الأراضي مليئة بالألغام، المستشفيات مليئة بالمشوهين والمعوقين ومقطعي الأيدي والأرجل، الأيتام بالمئات بل بعشرات الآلاف، النساء الأرامل، الثكالى الشيوخ البيوت مهدمة، قد أهلك الحرث والنسل، وأفسد في الأرض، هذا وضع أفغانستان.

تدبيج الخطب والعبارات، والله يا إخوان:

لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان

إن كان في القلب إسلام وإيمان، لا يسعنا إلا أن نخصص من رواتبنا دخلاً شهرياً للمجاهدين، الذي يؤلمه ما يدور لإخوانه المساكين في أفغانستان فلا يسعه إلا أن يخصص لهم دخلاً شهرياً في أفغانستان، نخصص راتباً للخادم أو الخادمة على أساس أن يلمع الأبواب والزجاج ندفعه شهرياً، ولا نستطيع أن نلمع قضية إسلامية، لا نثبت ولا نصمد أمام دعم شريعة وعقيدة ونظام ودولة إسلامية تقف أمام المد الشيعي، والشيوعي، والوثني، دولة أفغانستان إذا قامت دولة سنية، تقف أمام المد الشيعي في إيران، والمد الوثني في الهند، والمد الشيوعي في روسيا، مصلحة قيام أفغانستان أعظم مصلحة للمسلمين.

فلا أقل من أن ندعمهم بأموالنا، لا أقل من أن نهتم بهم، وبالمناسبة -يا إخوان- ففي هذا الزمان الذي ظن الناس أنه سيضيع فيه الدين بالكلية عاد الناس إلى أصل الدين وهو الجهاد، وعلم الناس وعلمت دول العالم ودول الكفر العظمى أن المسلمين بدءوا يفكرون بالجهاد، وطبقوه عملياً وسيلة لاسترداد أراضيهم، ستين سنة مفاوضات مع بريطانيا وإسرائيل ما أرجعت فلسطين، هل نفعت المفاوضات؟ قرار الأمم المتحدة رقم (٢٤٢) التراجع إلى ما قبل حدود (٦٧م) الاعتراف بحدود (٤٨) إقامة دولة في الضفة والقطاع، كلام جرائد لم نر فعلاً أبداً، لكن الجهاد في سبيل الله هو الذي يفرض.

لما قامت حركة حماس في فلسطين انظر العجائب، لكن هناك عدم العلم الإعلامي، نحن لا ندري ماذا يدور الآن في فلسطين إلا من خلال بعض الأخبار البسيطة التي تصلنا، وما سوى ذلك لا نرى كل شيء بالتفصيل، الآلاف والملايين يذبحون ويقتلون في العالم، في دولة شرقية أحد الرعايا الأمريكان صدم كلبه، فتدخل السفير الأمريكي في تلك الدولة، وتابع القضية حتى حوكم الرجل، ودفع الغرامة والعقوبة، لماذا يدهس كلب الراعي الأمريكي، أصبح المسلمون أهون من الكلاب، لا حول ولا قوة إلا بالله! (كيف بكم إذا تداعت عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها؟ قالوا: أومن قلة نحن يا رسول الله؟ قال: لا، أنتم يومئذ كثير، لكنكم غثاء كغثاء السيل، يصيبكم الوهن، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا) أصبح الريال أهم من عشر رصاصات في قلوب الشيوعيين، الجيب هذا أحب إلينا نسقطه في الخبت، والله لو كان في القلب حياة لأمسكت راتبك وقلت: أين المجاهدون في العالم؟ انطلاق الجهاد في إريتريا المسلمة، إريتريا الآن عجزوا سنين طويلة، بناتهم يشردن ويغتصبن، ونساؤهم ينتهكن، عجزوا وهم يطالبون، يا مجلس الأمن! يا هيئة الأمم! المحافل الدولية! العالم! كلب يتدخل فيه السفير، إن مئات من البشر يموتون ولا أحد يتدخل، لم يلتفت إليهم أحد، فلم يروا إلا الجهاد سبيلاً لنصرة قضاياهم، فانطلقت الآن شرارة الجهاد في إريتريا.

في الفليبين من سنوات طويلة، يوجد جبهة إسلامية في مندينار، وفي أفغانستان وفي فلسطين.

أعداء الإسلام مستعدون لدعم المجاهدين حتى يقيموا دولة ويقفلوها عليهم، لو كان الهدف إقامة دولة سنية وتقف، انتهى الأمر، لكن الخطورة التي يسعى أعداء الإسلام لمناوأة ومعاداة الجهاد بسببها أن تنتشر عدوى الجهاد في العالم، فـ أفغانستان حدودها الشمالية المتاخمة لـ روسيا، قبائل الأوزبك والطاجيك المنتسبة للدول الشيوعية تقوم بالجهاد ضد الشيوعيين، وجميع الأمم والأقليات والشعوب المستضعفة تبدأ تنادي بالجهاد سبيلاً لتحقيق مطالبها ورغباتها، هذه العدوى الذي يخاف منها أعداء الإسلام.

ولذلك يا إخواني ينبغي أن تخصص شهرياً مائة ريال أو خمسين ريالاً للمجاهدين في أفغانستان، وخمسين ريال للمتضررين في أفريقيا، للمسلمين في الفليبين لـ أريتريا، لو كل مسلم يدفع مائة ريال لحققنا شيئاً كثيراً، لو يتعطل المكيف، أو أتفه الحاجات الكمالية في البيت فإننا ندفع الآلاف حتى نصلحه، إذا انطفأت الكهرباء عشر دقائق، خرج الناس إلى الشوارع وأمرهم عجيب، فأين أنت من الذي يعيش بدون كهرباء ولا ماء ولا أمن ولا طمأنينة.

فيا إخوان لا أقل من أن ندعم إخواننا في كل موقف ومناسبة، علم أولادك بدلاً من أن تعطيه عشرة ريال، أعطه اثنا عشر ريالاً، تقول له: خذ ريالين للمجاهدين، وعشرة لك، ازرع في قلبه حب الجهاد والمجاهدين، بقي من مصروفه شيء، تبقيه في حقيبتك أم تدفعه للمجاهدين؟ ازرع في قلبه حب الجهاد والمجاهدين، ازرع في قلبه حب البذل في سبيل الله، ازرع في قلبه حب شراء الجنة، بالنفس والنفيس والمال وكل شيء، فبذلك تنتصر الأمة.

انتصر الرسول صلى الله عليه وسلم بأقوام افتدوا وبذلوا دماءهم وأموالهم وأرواحهم في سبيل الله، نحن نريد الجنة ولكننا لا نريد أن نضحي بأنفسنا، لا، الجنة تريد عملاً وتضحية وأداء، فلا أقل من أن نتبرع لإخواننا، وأرجو أن يقف عند الأبواب من يجمع تبرعاتكم جزاكم الله خيراً، ومن ثم تسلم إلى إمام المسجد وهو بدوره ينسق تسليمها إلى الجهات المعنية وجزاكم الله خيراً.