للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إلى كل من سئم من هذا الطريق]

الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد، الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جل عن الشبيه وعن المثيل وعن الند وعن النظير، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير كل ذلك تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى أزوجه وآله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، وتمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، واعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة في الدين ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار.

معاشر المؤمنين معاشر الشباب: الزموا جماعة المسلمين بالصلاة معهم جماعة، الزموا جماعة المسلمين بالصلاة معهم جماعة.

أيها الأحبة في الله: إنكم سمعتم أن النبي صلى الله عليه وسلم وعلمتم وهذا ثابت: (أنه صلى الله عليه وسلم كان أشد حياءً من العذراء في خدرها) ولكم في نبينا وإخوانه من الأنبياء سلفاً صالحاً.

وإن كنا قد عالجنا المشكلة الآنفة الذكر في جانب البنات، فإن للشباب مسئولية عظيمة، وإن على الشباب دوراً عظيماً في اتصالاتهم، وفي مقابلاتهم، وفي مواقع أعمالهم ومسئولياتهم؛ لأن الإنسان إذا اتصل ببيت من البيوت وقد أرخى القول وكسره، ولين الكلام وأخبثه، فإن المرأة ناقصة عقل ودين سرعان ما تقع في شباك ذلك الصوت الدافئ، وبعد ذلك قد تكون الجاهلة المسكينة هي التي ترغب في مداومة الاتصال.

إذاً: فيا معاشر الأحباب ينبغي لنا إذا اتصلنا باتصالات لغير أقارب أو لغير محارم أو لغيرهم، ينبغي أن نكون جادين في الحديث، وأن يكون اتصالنا لحاجة معينة، كأن يكون فلان موجود أم لا؟ وينتهي الكلام بعد ذلك، أو أخبروه أن فلاناً اتصل عليه فقط، أما أن يتكسر الكلام، وأما أن يلين القول بأصوات وعبارات مضحكة وقد يكون فيها خبث ودهاء، فإن الإنسان قد يجر بذلك البلاء والفضيحة على غيره من المسلمين، وقد يكون من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا عياذاً بالله من هذا الأمر.

وينبغي للشباب أن يعلموا أنها مسئولية لهم، وأن الله جل وعلا يبتليهم، وطوبى لشاب ترك هذا النوع من الحديث الذي يجره إلى البلاء، ليكون أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، إن البعض قد يسير في حديث هاتفي مع بعض البنات حتى يصل الأمر بهن إلى أن الواحدة منهن تدعوه إلى نفسها، ولكن البعض يقف عند ذلك، والواجب أن يقف في أول الطريق في أول المكالمة، ومن وقف عند ذلك فهو إن شاء الله من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، يوم أن ذكر واحداً منهم: (ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله).

وكلكم يعرف قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار فانحدرت صخرة من الجبل فسدت ذلك الغار عليهم، فقال أحدهم: إنه لن ينجيكم إلا أن تسألوا الله بصالح أعمالكم، فقام منهم رجل وقال: اللهم إنك تعلم أن لي ابنة عم أحبها حباً شديداً، وكثيراً ما راودتها عن نفسها، حتى إذا احتاجت في سنة جدب وقحط ثم جاءت إلي واحتاجت قلت لها: لا أعطيك حتى تمكنيني من نفسك، فوافقت تحت ضغط الحاجة والفقر، وبعد ذلك يقول: يوم أن وقف منها موقف الرجل من زوجته، وجلس منها مجلس الرجل من زوجته، دمعت عينه بعد أن قالت له: يا هذا اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فقام عنها وانصرف، فانفرجت الصخرة عن ذلك الغار بأعمالهم الصالحة بعد رحمة الله وتجاوزه عنهم.

ولكم في نبي الله يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام الذي كان عند امرأة العزيز: {وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} [يوسف:٢٣] قالت له: تهيأت لك، أرادته إلى المعصية: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف:٢٣] وليتها وقفت عند هذا الأمر، بل إنها قالت: {وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلِيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ} [يوسف:٣٢] فماذا قال ذلك الشاب الوسيم الجميل؟ ماذا قال ذلك النبي الجليل؟ {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} [يوسف:٣٣] أين الذي يقول هذا الكلام في هذا الزمان؟ وأي إيمان يتزعزع أو يتحرك عندما يقع في فتنة كهذه {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [يوسف:٣٣].

اللهم اصرف عنا كيد أهل السوء، اللهم اصرف عنا كيد أهل السوء، اللهم اصرف عنا وعن بناتنا وعن نسائنا كيد أهل السوء.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر أعداء الدين، وأبطل كيد الزنادقة والملحدين، اللهم من أراد بفتياتنا وبناتنا ونسائنا سوءاً، اللهم فاجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً عليه، وأدر عليه دائرة السوء بقدرتك يا جبار السماوات والأرض! اللهم من أراد بولاة أمورنا فتنة، وأراد بعلمائنا مكيدة، وأراد بشبابنا ضلالاً، اللهم فأدر عليه دائرة السوء، اللهم فأرنا فيه يوماً أسود كيوم فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف.

اللهم آمنا في دورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم ارزقهم بطانة صالحة وجنبهم بطانة السوء، اللهم ما علمت في أحد لولاة أمورنا خيراً فقربه منهم، وما علمت في أحدٍ لولاة أمورنا شراً فأبعده واطرده عنهم، برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم اهد أئمتنا لكتابك ولسنة نبيك، اللهم اهد إمام المسلمين، اللهم اجمع شمله بإخوانه، اللهم لا تشمت بهم حاسداً، ولا تفرح عليهم عدواً، ولا تشمت بهم حاسداً، اللهم سخر لهم ملائكة السماء برحمتك، وجنود الأرض بقدرتك.

اللهم اهد شباب المسلمين، اللهم اجعل لشباب المسلمين من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل بلاء عافية، ومن كل فاحشة أمناً، اللهم فارحمهم واهدهم وردهم إليك رداً جميلاً، اللهم اختم بالسعادة آجالنا، واقرن بالعافية غدونا وآصالنا، واجعل إلى الجنة مصيرنا ومآلنا.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء إليك، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.

اللهم أغثنا غيثاً هنيئاً مريئاً سحاً غدقاً نافعاً غير ضار، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].

اللهم صلِّ وسلم وبارك على صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر نبينا محمد، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء، والأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن بقية العشرة وأهل الشجرة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك يا أرحم الراحمين! إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العلي العظيم الجليل الكريم التواب الرحيم يذكركم، واشكروه على آلائه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.