للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بطلان الافتخار بالأنساب أمام التقوى]

ثم إن سلامة الصدور لمن دلائل الألفة والمحبة التي هي نعمة عظيمة امتن الله بها على المسلمين، كما قال تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} [آل عمران:١٠٣] بل يمن الله جل وعلا على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فيقول له: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} [الأنفال:٦٢ - ٦٣].

إن هذه الألفة والمودة وسلامة الصدر لمن أعظم النعم، وما ظنكم لو أن كلاًّ منا ركب رأسه وركب نعرته وركب عصبيته وركب جاهليته، وركب أسرته وقبيلته ومفاخره وأموره الجاهلية، لأصبحنا أعداءً متباغضين متناحرين، لكن نعمة الله جمعت شملنا، وألفت قلوبنا، ووحدت صفوفنا، ووالله إن من يفتخر بنسبه لأحقر عند الله من الجعلان والجنادب والهوام والتراب.

إن عبداً من عباد الله في أدغال أفريقيا من المتقين ليساوي آلاف الآلف في وسط نجد أو في شمالها أو غربها أو جنوبها إن كانوا من العصاة، وإن عجوزاً مؤمنة من أهل نجد لتساوي أهل الأرض إن كانوا عصاة: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:١٣] بعض الناس فيه خساسة ودناءة، وفيه فجور وعصبية وجاهلية، يتزي ويفتخر بأصله ونسبه: أنا نجدي، أنا حجازي، أنا شمالي، أنا يماني، أنا غربي، أنا مدني، أنا كذا، أنا كذا والله ما قلت بقول فيه عصبية بجاهلية إلا قلنا لك: خسئت وخبت وخسرت.

أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم