للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لكل شيء نهاية]

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أيها الأحبة: اتقوا الله تعالى حق التقوى، تمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، واعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار.

معاشر الأحبة: نهاية العام فيها بشارة أيضاً، بشارة لكل مريض أن المرض له نهاية، فيه بشارة لكل معتقل أن الاعتقال له نهاية، بشارة لكل مبتلاً أن البلاء له نهاية، بشارة لكل مظلوم أن للظلم نهاية.

وانتظر الفرج، فلن يغلب عسر يسرين: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} [الشرح:٥ - ٦].

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج

ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعاً وعند الله منها المخرج

عسى الكرب الذي أمسيت فيه يكون وراءه فرج قريب

فلكل شيء نهاية فللظلم نهاية وللطواغيت نهاية وللجبروت نهاية و {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:٢٦ - ٢٧].

للظلم نهاية قال مظلوم لظالم كان يتغطرس ويتفنن ويتلذذ في ألوان إيقاع الظلم والأذى فيه.

قال له: افعل ما بدا لك اظلم ما شئت أوليس الموت عن هذه الدار ينقلنا؟ أوليس القبر يضمنا؟ أوليس المحشر يجمعنا؟ أوليس الله يفصل بيننا؟ افعل ما بدا لك.

هذا أمر عجيب، إن في زوال الأيام والأعوام بشارة لزوال كل ظلم وكفر وبغي وعدوان، ولكن أين من يصبر؟ أين من يعرف ويعلم أن شيئاً من البلاء في ظرف من الزمن آية يبتلي الله فيها عبادة؟ {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت:١ - ٣] حتى ساعات الظلم بعدها فرج عظيم، وآيات الله في العباد كثيرة لا تحصى.

في دولة من الدول التي تنتسب إلى الإسلام، وتزعم أنها مسلمة، كان الدعاة فيها في الزنازين، والأئمة في السجون، والعلماء في غياهب السجون، فجاء زعيم من زعماء السجون -سجون التعذيب- ليأخذ واحداً من الدعاة المظلومين، فأخذ يلطمه ويركله، فقال ذلك المسكين: يا الله! فقال الطاغية الظالم: والله لو نزل ربك لسجنته في زنزانة انفرادية.

ما أحلم الله على عبادة، الله عظيم وحلمه عظيم أيضاً، ومرت الأيام، ويخرج ذلك المظلوم من سجنه، وينتقل ذلك الظالم المتفنن في تعذيب المظلومين والمساكين، فخرج ذات يوم يتنزه في ضيعة من ضياعه، وبينما هو في الطريق، إذ بجرار زراعي -الذي نسميه دركتل أو الشيول- إذ به يقطع الطريق عليه فجأة، فتلتحم شوكات هذا الجرار الزراعي وسط سيارة ذلك الظالم، ويختلط لحم وعظم الظالم بين الحديد وبين شوكة الجرار الزراعي.

فجاء رجال الأمن ومن يهمهم الأمر، فلم يجدوا حيلة أن يخرجوا هذه الحالة أو صاحب هذا الحادث إلا بتقطيع جسمه قطعة قطعة، وإخراجه من بين شوكة الجرار وحديد السيارة، فيا لله!! من سجن من من حبس من من أودع من لا إله إلا الله.

وما من يد إلا يد الله فوقها ولا ظالم إلا سَيُبلى بأظلم

تنام عينك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم