للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صعوبة النطق بالشهادة عند الموت]

السؤال

بعض الناس يقول: إذا جاءني الموت قلت: لا إله إلا الله ودخلت الجنة كما في الحديث، فما تعليقكم على ذلك حفظكم الله؟

الجواب

يظن بعض الناس أنه من السهولة أن يتلفظ بلا إله إلا الله عند الموت، وأنا سوف أخيل لك الأمر: لو كنت تمشي في سكة ظلماء، وفي طريق موحش وأنت في حال من الجوع والتعب والسقم، ثم جاء من ضربك على صدرك ضربةً قال: ما اسمك؟ والله إنك تفزع ولا تعرف ما اسمك الذي تنادى به ليل نهار، حال الموت -يا أخي- حال سكرات، وحال غربة، الذي ينازع سكرات الموت في عالم آخر والناس من حوله لا يدري بهم، في حال عظيم، {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا} [فصلت:٣٥] ليس بالسهولة أن الإنسان يقول: لا إله إلا الله عند الموت، إلا من أراد الله به خيراً، ومن عاش على شيء مات عليه، فالذي يعيش على اللهو يموت على اللهو شاء أم أبى، والذي يعيش على الفجور والخنا يموت على الفجور والخنا شاء أم أبى، والذي يعيش على طاعة الله وذكره والصلاة والعبادة، يلهمه الله لا إله إلا الله في حال الكرب والشدة، وفي حال السكرات والنزع، فيقول: لا إله إلا الله، بل إن بعضهم تجده يسمع منه أنين في الداخل: إه إه، وتجده يحرك أصبعه، يا ألله! يستطيع بالأنين أن يقول: لا إله إلا الله، والأصبع يتحرك، فلا تظن المسألة سهلة، سكرات الموت أمر عظيم والإنسان يحال بينه وبين نفسه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال:٢٤ - ٢٥] الإنسان يحال بينه وبين قلبه حيلولة عظيمة، فليس بالسهولة أن يقول: لا إله إلا الله إلا إذا كان من أهلها وأهل مقتضاها.