للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شهادة الرسول صلى الله عليه وسلم]

معاشر المؤمنين: واعلموا أن رسولكم صلى الله عليه وسلم شهيد عليكم، يقول الله جل وعلا: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً} [النساء:٤١]، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: قال لي الرسول صلى الله عليه وسلم ذات يوم: (يا بن أم عبد! أو يا بن مسعود! اقرأ عليّ القرآن، قال: أأقرأه عليك وعليك أُنزل يا رسول الله؟! قال: اقرأ فإني أحب أن أسمعه من غيري، فافتتح قول الله جل وعلا من أول سورة النساء: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ)) [النساء:١] حتى وصل قول الله جل وعلا: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً} [النساء:٤١] فقال: حسبك، حسبك، فالتفت إليه ونظرت فإذا عيناه تذرفان) فإذا عيناه صلى الله عليه وسلم تذرفان بالدموع من قوله جل وعلا: {وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً} [النساء:٤١].

يقول النبي صلى الله عليه وسلم وهو العالم بكلام ربه جل وعلا: (ليذادن أقوام عن حوضي يوم القيامة، فأقول: يا ربي! أمتي أمتي؟ فيقال لي: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك) فاتقوا الله يا عباد الله، وتذكروا شهادة نبيكم صلى الله عليه وسلم عليكم، يقول الله جل وعلا: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة:١٤٣] أنتم يا أمة محمد! جعلكم الله أمة وسطاً عدولاً لتكونوا شهداء على الناس، وعليكم شهيد من الله وملائكته وكتبه ورسله، ويكون الرسول عليكم شهيداً، ويقول الله جل وعلا: {َيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاءِ} [النحل:٨٩] فهل بعد هذه الشهادة؛ شهادة الله على خلقه، وكتابه، والملائكة على أفعالهم، وشهادة الأنبياء على أممهم، هل بعد هذا يا عباد الله! نغرق في الذنوب والمعاصي؟! أو ننسى واقعنا وما نحن فيه من اللهو والغفلة عن كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؟!!