للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الدعوة الفردية: صورة من صور تطبيقها]

ترى شاباً منحرفاً وفي علمك أن من نفسك القدرة-بإذن الله- على التأثير عليه دون التأثر به، أو ترى شاباً فيه علامات خير، ولم توجه طاقتك بالكامل إليه، فتبدأ بالتعرف عليه أولاً، وكسب محبته ثانياً؛ لأنك لن تؤثر على أحد ما دام يبغضك، ولن تؤثر على أحد ما دام يكرهك، ولن تؤثر على أحد ما لم تكسر حواجز تمنع رسالتك من نصيحةٍ أو كلمةٍ إلى قلبه، فلا بد من كسب محبته بهدية، برسالة، بدعوة، بمناسبة، بأي وسيلة من الوسائل المشروعة التي تمكن لك في قلبه موقعاً ومكاناً، ثم بعد ذلك اعقد العزم على أن يكون ذاك الشاب، أو ذلك الرجل، أو ذلك الذي قصدت دعوته، اعقد العزم على أن يكون رفيقاً لك لمدة سنة كاملة، بمعنى الرفقة والملازمة والمتابعة، فتأخذه معك في محاضرة عامة، وتزوره ويزورك، وتتفقد المكتبات التجارية لترى ما فيها من الكتب، ولو شئت لزرت غيرها من المكتبات الخيرية، تذهب وإياه إلى درس، أو اثنين، أو ثلاثة من الدروس العلمية الشرعية في الفقه، أو العقيدة، أو النحو، أو غيرها، فيكون تلميذاً ملازماً، لهذا تجعل بينك وبينه وترسم معه منهجاً تحفظ فيه معه أجزاء من القرآن، وأحاديث من السنة، ونصوص من المتون، بمعنى اجعل هذا الرجل أو اجعل هذين الرجلين قضيتك هذا العام.

إننا أيها الأحبة لو سلكنا هذا الطريق، لنمى الخير بطريقة الأعداد المضاعفة المركبة، فلو اجتهد عشرة من الشباب على عشرة مثلهم، لكانت حصيلة هذا الجهد- بإذن الله- عشرين من المهتدين، ثم إذا اجتهد العشرون، كانت حصيلة سعيهم أربعين، فثمانين، فمائة وستين، وهكذا يتضاعف الخير بهذه الوسيلة المهمة.

نعم، لك أن تقول: شتان شتان بين أن أفرغ جهدي ووقتي لدعوة واحدة أو اثنين، وبين أن أقف خطيباً، أو محاضراً، أو متحدثاً أمام ثلاثة آلاف، أو أربعة آلاف، لا شك أن الأرقام هنا بينها بونٌ شاسعٌ، وفرقٌ واسعٌ، ولكن ثق أن الجماهير- في الغالب- عاطفتها وقتية، في الغالب من تأثر منها فإنما يتأثر في لحظة سماع الموعظة أو الخطبة أو النصيحة، وليس هذا تقليل لشأن الخطبة أو المواعظ، ولكن ذلك -كما قلت- يوجه، ولا يغني عن الدعوة إلى الله بالوسيلة الفردية.

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله العلي العظيم الجليل لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.