أشهد الله أني أحبك في الله، يسأل عن العزاء في بعض في المناطق التي يمتد لأكثر من أسبوع؛ تنصب فيه الخيام، وتوقد فيه النار، وتوضع الصحون، ويكون في العزاء كثير من الحديث عن التجارة وغيرها؟
الجواب
لا شك أن هذا مما ابتدعه المتأخرون، وليس هناك دليل على أن من كانت له مصيبة أن يفتح البيت، وأن يجلس للنياحة أو للحزن أو البكاء أبداً، والشيخ عبد الله بن جبرين متعه الله بعمره على طاعته شهدنا جنازة زوجته ذلك اليوم ودروسه من فجر غد كما هي، ومجلسه لطلبة العلم في بيته كما هو.
ولا يجوز فعل هذا إلا إذا قابلك أحد إخوانك وهو عالم بمصيبتك أو أخبر بها؛ فلا بأس أن يعزيك فيها، يقول لك: عظم الله أجرك، أو: لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى.
ومن السنة أن يصنع لأهل الميت في يوم وفاته طعام؛ لأنهم اشتغلوا بحال ميتهم عن إعداد طعامهم:(اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم).
أما أن اليوم الأول والناس في المقبرة وفلان يقول: الغداء عندي، وفلان حاجز للعشاء، وتنقلب القضية من العبر والمواعظ إلى مراجل وافتخار والعياذ بالله وأخطر من هذا، وقد رأيت بعضهم يضع له حوشاً جاهزاً ومن جاء أدخل ذبيحة أو ذبيحتين وجلس مع الناس، وبعضهم يأتي معه بذبحية وكيلو هيل وكيلو قهوة ويقعدون في أكل وشرب لمدة أسبوع، بل إن بعضهم والعياذ بالله صارت الموائد من هنا، ولعب البلوت والورق، والتفرج على التلفزيون، وسماع الأغاني والملاهي في المجلس الثاني، والبدع لا تأتي بخير أبداً.
والسنة في اليوم الأول أن يصنع لأهل الميت طعام ويرسل إليهم بقدر ما يكفيهم، وإياكم والإسراف، وما سوى ذلك فتصدقوا به:(أطعموا الطعام، وأفشوا السلام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام) هؤلاء الذين يأتون بهذه الذبائح وهذه الأطعمة لو قيل لهم: يا أخي! تصدق بقيمتها لجمعية تحفيظ القرآن أو للبوسنة أو لـ كشمير أو للفليبين قال: لا.
هذه فقط من العادات والتقاليد، وهذا لا أجر عليه، بل كثير منهم لا يؤجر على هذا الفعل لأنه ما فعله تعبداً، وإنما فعله تقليداً للآباء والأجداد.