للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[احتجاج بعض الشباب بقضاء الله وقدره في الضلال]

السؤال

بعض الشباب الضالين يقول: إن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء، فأنا أضلني الله، فأنا يائس، والعياذ بالله؟

الجواب

يا أخي: إن شاء الله أنك ما ضللت، سؤالك هذا يدل على أنك ما ضللت ولله الحمد، إن شاء الله أنت بخير لم تضل، وإن كان السؤال فيه شيء من التحدي يقول الله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير:٢٩] رب العالمين يشاء ولك مشيئة، فأنت لو أردت أن تسلك هذا السبيل ما ردك أحد.

إذاً: امتنع عن الأكل والطعام والشراب وقل رب العالمين ما قدر لي أن آكل.

وبعد يومين ثلاثة تنظر كيف سيحركك الجوع لتأكل، لا تقل: مقدر علي هذا، إذا كان مقدراً عليك الجوع بعدم الأكل فمقدر لك الشبع بالأكل اذهب فكل فتجد ذلك مقدوراً، إذا كان مقدراً لك الضلال بعدم استقامتك الزم طريق الخير يقدر لك الخير، اجلس في البرد وقل: رب العالمين مقدر علي البرد هذا إلى أن أموت فيه، يقول لك شخص: يا أخي! مكتوب عليك اجلس، تقول أنت: لا، ثم سترجع إلى البيت لتشغيل المكيف الحار وتأخذ البطانية لتتقي البرد، فأنت عندك إرادة، إذاً: إرادتك أين هي من هذا الباب لماذا لا تقلع؟ أين إرادتك تحملك وتنقلك من المجال السيئ إلى هذا المجال الطيب؟ ليست هذه بحجة.

جاء يهودي إلى باب ابن تيمية يقول ذاك اليهودي:

أيا علماء الدين ذمي دينكم محير ردوه إلى خير شرعة

إذا ما قضى ربي بكفري فهل أنا عاص بتابع مشيئته

إلى آخر ما قال: فرد عليه ابن تيمية بأبيات مفادها أن رب العالمين جعل لك إرادة، وجعل لك مشيئة، ولو ذهبنا لأن نطبق هذه الحجة عليك في جميع أمورك، يعني: قف في شارع واجعل واحداً يضربك بقصد ويقول: أنا مقدر علي أن أضربك، فلا تتحرك ولا تدافع عن نفسك، هذا مقدر، إنك عند ذلك تدافع عن نفسك وتنتقل من هذا الموقف الضعيف إلى موقف قوي، تنتقل بما فرض الله وبما قسم الله لك من المشيئة من سبيل طرق الفساد إلى سلوك طرق الصلاح، واترك سبيل الضالين، واذهب إلى طريق الذين أنعم الله عليهم، فهذه ليست حجة، وأسأل الله جل وعلا لي ولك الهداية، وإذا تكرمت أن أتقابل معك بعد هذه المحاضرة يسعدني ذلك.