للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين]

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد: يا عباد الله: فاتقوا الله تعالى حق التقوى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [لقمان:٣٣].

معاشر المؤمنين: يقول الحق تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مَنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً} [الحج:٥] ويقول سبحانه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} [الروم:٥٤] وقال صلى الله عليه وسلم: (أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين، وقليل منهم من يجاوز ذلك).

أحبتنا في الله: اليوم نقف وقفة مع أنفسنا وهي تقبل على المشيب، أو تدخل الكهولة، ونقف وقفة مع آبائنا وأحبابنا الذي ودعوا سن الكهولة ودخلوا في المشيب، نقفها مع هؤلاء الأعزاء على قلوبنا، مع كبار السن الذين نحبهم إجلالاً، ونعزهم تقديراً، هؤلاء الذين رسموا للجيل طريق النجاح، وأناروا للجيل درب الحياة، نقف وقفة تحية وثناء، وشكرٍ وعرفان، لمن سطروا بتجاربهم أروع المثل في تربية أبنائهم وإصلاح مجتمعاتهم، ونقفها وقفة مع الذين شابوا، ولكنهم لا يزالون سادرين غافلين لاهين:

إن الأمور إذا الأحداث دبرها دون الشيوخ ترى في بعضها خللا

فلأولئك الدعاء والثناء، وآخرون ممن كبروا ولا يزالون يعيشون المراهقة:

ويقبح بالفتى فعل التصابي وأقبح منه شيخٌ قد تفتى

وقفة مع كبار السن الأجلاء، أو من بلغ شأواً أو طعن في السن فبلغ الستين، أو أدركه الكبر فهو في السبعين، أو صار هرماً فلا تسأل عنه وهو في الثمانين:

سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولاً لا أبالك يسأمِ