للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحفاظ على الأبناء من غزو الفضائيات]

أيها الأحبة: لا بد لكل واحد منا يجلس مع أولاده على انفراد، ولا يوجد خيار، إن لم توجهوهم أنتم سوف يوجههم جلساء السوء، أو الشاشة، أو القنوات الفضائية، أو كل من يرونهم أو يراهم من غادٍ ورائح، ولا أظن أن واحداً منكم يرضى أن يقال له: اترك ولدك لنا ونحن نتصرف فيه كما نشاء، نحن نأمر وننهى وندبر في أولادك كما نشاء، هل يوجد واحدٌ يرضى أن يخلو رجلٌ بابنته ساعاتٍ طوال يتحدث معها؟! طبعاً لا؛ هذه الشاشة تجلس مع البنات ساعات وساعات، فأسألك بالله هل أنصتَّ لما تقول الشاشة لهذه البنت؟ أقل الأحوال: كن جالساً وانظر ما الذي يحدث، هل هو يسر أم يضر؟ هل ينفع أم لا ينفع؟ لكن لا، الخطر المحسوس هذا نخشاه، لكن الخطر الذي يستتر بمجلة، بكتاب، ببث إعلامي، بشيء آخر، فهو مقبول، حتى بعض الناس لو جاء رجلٌ طيب أو شاب طيب يريد أن يأخذ ولده إلى حلقة تحفيظ قرآن أو إلى مكتبة يُشْكَر على عنايته، ما أقول إنه يُشْكر على منعه من ذهاب ولده مع الصالحين، لكن يشكر على تثبته ماذا تفعلون؟ وماذا تقرءون يا ولدي؟ وما هو الحديث الذي يُدار؟ وما هو الكتاب الذي تقرءون فيه؟ ومن هو مؤلفه؟ أعطني هذا الكتاب أتأمل فيه، هذا ليس بعيب أن يكون الرجل متثبتاً متأكداً من الأفكار التي تُتَداوَل وتُناقَش مع ولده، لكنه من الممكن أن الأفكار التي في كل القنوات الفضائية تدخل في ذهن ولده دون أن يكون على ذلك حسيب أو رقيب أو مطلع أو غير ذلك، وهذا وايم الله من أشد وأخطر أنواع البلاء.

إن الله عز وجل قال: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه:١٣٢] الأمر أمر الأولاد، أمر الناشئة بالصلاة: (مروا أولادكم بالصلاة لسبعٍ، واضربوهم عليها لعشرٍ، وفرقوا بينهم في المضاجع) هذه التوجيهات، هذه التربية، هذه الآداب النبوية هل نعتني بها كما أمر الله، وكما شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ الواقع يشهد أن كثيراً من الناس ضيعوا ذلك وأهملوه.

وعند الصباح يحمد القوم السُّرى (الذين اعتنوا بأولادهم وربوهم تربية طيبة) ولكنك لا تجني من الشوك العنب إذا أنت جعلت أولادك في مسبعة، وفي أرضٍ مليئة بالكلاب والذئاب، ثم تقول من أين نُهِش الولد؟!

ومن رعى غنماً في أرض مسبعةٍ ونام عنها تولى رعيهَا الأسدُ

لا يُلام الذئب في عدوانه إن يكُ الراعي عدو الغنمِ