للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ولا تزر وازرة وزر أخرى]

إن الذي يظن أن الدعاة يهاجمون الناس، ويعادون الناس، هذا من بَنات أفكاره، قد يوجد إنسان جاهل، يوجد إنسان قال عن نفسه: إنه تديَّن كما يقول أو يقال عنه، وأخذ يدعو الناس بطريقة خاطئة، أو أخذ يحارب الناس، أو يقول للناس: اتركوا الدراسة، أو يقول للناس: لا تركبوا السيارات، أو يقول للناس: لا تسمعوا المسجلات في المحاضرات وغيرها، نقول: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف:٣٢] الخير كثير بإذن الله جلَّ وعَلا: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ} [المائدة:٧٧].

إذا وُجد إنسان أخطأ فليس العيب في الدين، وليس العيب في العلماء، وليس العيب في المتدينين، وليس العيب في الكتاب الإسلامي، ولا الشريط الإسلامي، إنما العيب في ذاك الذي أخطأ: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:١٦٤] تجد بعض الناس يجلس في المجلس: والله -يا أخي- هؤلاء (المَطاوِعة) يمسكون كل واحد في الشارع ويقولون له: من هذه المرأة التي معك؟ يقول: هذه زوجتي، يقول: أثبت أنها زوجتك؟! ومن قال لك أن كل (المَطاوِعة) يفعلون ذلك، لو صدَّقنا بأن هذه الرواية صحيحة؟! فما بالك إذا ثبت أنها من بَنات أفكار شيطانه، كما قال أحد الشباب: كدتُ أتقطع ألماً من رجل زار أبي ذات يوم فقال: والله ما عرفنا لهؤلاء رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خاتمة، مسكوني في الشارع ومعي زوجتي وحققوا معي وآذوني وأتعبوني، ومسكوني في المركز الفلاني.

يقول الشاب: وأنا جالس أصب القهوة، وأسمع كلام الرجل لأبي، قال: فانسللتُ منهم، وذهبت إلى المركز الذي تكلم عنه، قلتُ: يا إخوان! هل أنتم مسكتم أحداً اسمه: فلان بن فلان؟ قال: نعم.

ليس معه أحد في السوق -والعياذ بالله- يتعبث في عورات النساء، وجئنا به إلى المركز، وكتبنا عليه تعهداً وأطلقنا سراحه.

قلتُ: أعطوني صورة من هذا التعهد.

صوَّروا له التعهد، وأخذه وذهب به للبيت، ثم قال: يا أبي! انظر الذي كان يكلمك، خذ هذا تعهد كتبه بخط يده ألا يتعبث في عورات النساء داخل الأسواق.

فإذا سلَّمنا أنه وُجد مَن أخطأ لا تظن أن كل أهل الخير يخطئون، وإذا وُجد مَن أخطأ فليس الخطأ فقط لرجال الهيئة، يا حبيبي! هل نستغني عن أجهزة المرور لأنه وُجد أحد رجال المرور أخطأ، لا يا أخي، المرور نافع للمجتمع، ولو أخطأ واحد من رجال المرور فليس الحل بإلغاء المرور.

لو أخطأ أحد رجال الأمن هل نلغي جهاز الأمن؟! أو نلعن جهاز الأمن؟! أو نتكلم في سيئات ومثالب ومصائب جهاز الأمن في كل مجلس، ونختلق الروايات والأساطير في كل مجلس؟! لا يا أخي، أخطأ رجل من الأمن يُبْعَد نسأل الله له الهداية، وتنتهي القضية.

طبيب من الأطباء أجرى عملية خطأً، فمات الرجل، أو أصابه شلل، أو وقع به مرض، نقول: نلغي الطب كله؛ لأن ذلك الطبيب أخطأ؟! فكذلك إذا واحد انتسب إلى التديُّن وأخطأ، أو رجل انتسب إلى الهيئة وأخطأ، أو انتحل شخصية الهيئة فأخطأ، هذا لا يعني أن نستغني عن الهيئات، ورجال الهيئات، والدعوة والدعاة.

إذاً: أيها الأحبة! علينا ألا يلبِّس الشيطان على أنفسنا.