الحمد لله، الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلاّ هالك، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، فهي وصية الله للأولين والآخرين:{وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}[النساء:١٣١]{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً}[الأحزاب:٧٠]{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[الحشر:١٨].
معاشر المؤمنين: لا يخفاكم أن الله جلَّ وعلا قد عظَّم شأن المساجد، ورفع منزلتها ودرجتها، وعظم منزلة المشَّائين إليها، فقال جل وعلا مضيفاً هذه المساجد إلى نفسه إضافة تشريف ورفعة، جل من قائلٍ عليما:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً}[الجن:١٨].
فيا عباد الله: هذه بيوت الله جل وعلا، قد رفع منزلتها وجعلها مهابط رحمته ومتنزل ملائكته، بل تكفل الله جل وعلا على لسان نبيه برفعة الدرجات وتكفير الخطايا والسيئات بالمشي إلى المساجد، قال صلى الله عليه وسلم:(ألا أنبئكم بما يكفر الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط) ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم أيضاً: (بشر المشَّائين إلى المساجد في الظلم بالنور التام يوم القيامة).
لم هذا كله يا عباد الله؟! لأن المشي إلى المساجد، ولأن إقامة الصلاة في المساجد، ولأن عمارة المساجد بالصلاة مع الجماعة فيها ركنٌ عظيم من أركان الإسلام، ولذا فلا عجب ولا غرو أن تكون هذه المنزلة العظيمة لمن قام بحق هذه المساجد، وعرف قدرها بمعرفته قدر الله جل وعلا بتعظيمها ورفعة منزلتها.