[برنامج يوم إسلامي]
السؤال
نحن الآن في الإجازة السنوية، وكما تعلم أنها في حدود ثلاثة أشهر، يا حبذا لو شرحتم لنا شيئاً في حياة يومٍ إسلامي، وما هي أسهل الطرق لحفظ القرآن الكريم، وجزاكم الله خيراً؟
الجواب
اليوم منقسم إلى الليل والنهار، هذا اليوم حينما يرتبه الإنسان وينظمه -كما قلنا- يخرج منه بأعظم فائدة إن شاء الله، فهناك جدول يومي، وهنا جدول أسبوعي، وهناك برامج شهرية، فأمَا وقد رغبت أن أفصل لك، أقول لك: إذا منَّ الله جل وعلا عليك، وكنت من الذين يأوون إلى فرشهم مبكرين، تنام في هذا الليل الذي جعله الله سكناً، وتنام في هذا الفراش مبكراً، وإياك والتعليمات الكثيرة، أنت في كذا، أنت في كذا، الليل سكن، وما أغبط إنساناً كغبطة إنسان لا يعرف المواعيد بعد العشاء، إلا بما ندر، أو مثلاً ساعة ونصف، إذا زاد الأمر فساعتين، ثم يهرع إلى فراشه؛ فإنه يستفيد؛ لأن ساعة من الليل تعدل ساعات من النهار فيما يتعلق بالسكن والراحة.
فإذا منَّ الله عليك بالاستيقاظ قبل الفجر ولو بربع ساعة، صليت ركعتين، تكون من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات والمستغفرين بالأسحار، ثم أذن المؤذن وخرجت إلى المسجد، وصليت الفجر مع الجماعة، أقول: لا تجبر نفسك من جهة الضغط عليها، قد تكون بالأمس سهراناً عند والدك أو جاء ضيوف، أو عند أهلك مناسبة، عندكم كذا، خذ قسطك من النوم، لكن؟ بعد أن تأتي بوردك بعد صلاة الفجر، الأوراد اللازمة، الفاتحة، آية الكرسي، آخر البقرة، أول آل عمران، شيء من سورة طه، المعوذات، شيء من المفصل، ثم اللهم إني أسألك خير هذا اليوم إلى آخر ما تعرفونه من أذكار الصباح، ثم إذا كنت مجهداً، فقم إلى فراشك، ونم قليلاً، لكن وقِّت الساعة، ولا تنم إلى أذان الظهر، لا، بل انتبه إلى الساعة، فإذا استيقظت، قد تكون مثلاً موظفاً، ستذهب إلى عملك، وقد تكون طالباً، ولعل السؤال موجه إلى الطلاب الذين يعيشون الإجازة، فإذا أصبحت وتناولت طعام الإفطار، وجلست مع إخوانك الصغار وقتاً لا بأس به، ثم خرجت إلى المركز الصيفي، أو إلى أي مكتبة، أو إلى مكتبتك الخاصة، فقرأت ما يسر الله لك فيها، ثم بعد ذلك قد يكون لأهلك حاجة من الحوائج قضيتها، وبعد الظهر أجود أوقات النوم، وإن كانت القيلولة قبل الظهر بقليل، لكن في الغالب هذا لا يتيسر، يقول الشاعر:
ألا إن نومات الضحى تورث الفتى خبالاً ونومات العُصير جنون
ألا إن بين الظهر والعصر نومةٌ تحاكي لأصحاب العقول قلوبُ
عموماً بعد الظهر نومة مفيدة إذا تغديت ثم نمت، ثم بعد ذلك صليت العصر، بهذا تكون نشيطاً، هنا أمر: كلٌ يختلف بحسب نفسه، الذي هو أمر الحزب اليومي من كتاب الله جل وعلا، فبعض الناس يقرؤه بعد صلاة الفجر، وبعض الناس قد يكون من الذين يغلبهم النعاس إذا كان مثلاً سهراناً في الليل لأمر أو مشغلة من المشاغل يكون حزبك بعد العصر، وتقرأ ما يسر الله لك من كتاب الله، ومن سنة رسوله، ولا بد أن يكون لك مكتبة كل كتاب وراءه كتاب، لا ينفع أن تقرأ في السنة الماضية نصف كتاب، والسنة التي قبلها قرأت نصف الكتاب، لا، القراءة هي النافذة على العالم، هي باب المعلومات وتوارد الخواطر، لا بد أن تجتهد في القراءة، ومن كانت له بداية محرقة في القراءة والاطلاع وغير ذلك، كانت له نهاية مشرقة.
ثم بعد ذلك إذا كان هناك نشاط في هذا المركز أتيت إليه، وبعد المغرب شارك إخوانك، لكن هناك أمور أساسية: الصلوات في أوقاتها، نصيبك من كتاب الله، وإني أهنئ شباباً قد خصصوا من أوقاتهم وقتاً لحفظ القرآن بعد العصر، وبعد المغرب، أو بعد المغرب فقط، أو بعد العصر فقط، المهم ألا يمضي عليك يوم ما قرأت فيه شيئاً من كتاب الله كلٌ بحسب نفسه.
إذا لم تستطع شيئاً فدعه وجاوزه إلى ما تستطيع
الله عز وجل خلق الناس وفاوت مراتبهم، لا نظن أن كل الناس يكونون علماء، أو كل الناس يكونون حفاظ، لو كان الإنسان يصنع نفسه، لكان الإنسان تمنى أن يكون كريماً شجاعاً حافظاً صواماً عالماً مجاهداً ثرياً غنياً فصيحاً، كل شيء، لكن أراد الله جل وعلا أن يجعل الناس درجات: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [الزخرف:٣٢] فهذا نموذج ليوم إسلامي، لكن أريد أن أقول لك: هذا اليوم لا يخلو من أمور: المحافظة على الصلوات في أوقاتها، وردك الأساسي اليومي من كتاب الله، ثم من سنة رسول الله، وساعة القراءة، ونصيب أهلك بك.
وكثير من الشباب، وأنا أعاتب الإخوة الحضور، وأعاتب نفسي فيما مضى مني، كنا نضيع حاجات الأهل والوالدين أسأل الله أن يغفر لنا هذا الفعل: أنا ذاهب إلى المركز أنا عندي كذا، بل ابدأ بحاجة والديك، فإن الوالد قنوعٌ بما يأتيك من العمل، حينما تقدم لوالدك عملاً بسيطاً، والدك يراك كهذه اللمبة، أو كهذه الشمعة تشرق على هذا المكان كله.
فينبغي أن تكون مهتماً بحاجات والدك، برنامجك ألا يخلو من هذا الشيء، مع حاجة والديك، الترويح عن نفسك ومخالطة جلسائك الطيبين، لا تنقطع يوماً واحداً من رؤية جلسائك الطيبين، ولو في مسجد، بعد الصلاة تجلس أنت وإياه عند السارية كيف حالك؟ وما عندك؟ وكيف المركز اليوم؟ في رحلة؟ في كذا؟ وهل هناك زيارة؟.
المهم أن تكون مرتبطاً بإخوانك، لأن الانقطاع يورث البعد، والبعد يجعل الشيطان يتوحد بك، ومن ثم يفترسك كما يفترس الذئب من الغنم القاصية.
لابد أن يكون لك برنامج أسبوعي في هذا الأسبوع مثلاً: إذا كنت من أصحاب هواة الرياضة، يكون لك شيء من ركوب الخيل، أو سباحة، أو تمرين معين.
وكذلك برنامج شهري تجعل في كل شهر مثلاً زيارة إلى المقبرة عظة وعبرة وتذكراً وتفكراً إلى آخر ذلك.
المهم أن المجتهد الحريص على وقته سوف يستغله، وليس البرنامج ينطبق على كل إنسان، كل إنسان يُكيف هذا البرنامج بحسب ظروفه، بعض الناس أهله عندهم مشاغل، وربما أخوه الأكبر يكفيه هذه المشاغل، فتجده متفرغاً، هذا يختلف عن إنسان لديه مسئوليات أسرته، وحاجات أهله فوق رأسه، لا بد أن يقوم بحاجات أهله، فالبرنامج يخصصه بحسب طريقته، يعني: تبرمج وقتك بحسب طريقتك الخاصة، لكن لا يخلو البرنامج من هذه النقاط الخمس التي ذكرناها.