للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الجمود والخمول]

أعود من العنصر الثالث لأنتقل إلى النقطة الرابعة، ولا أسميها عداوة، ولكنها نوع من وسائل الضعف والهوان، ألا وهي: الجمود والخمول.

تجد إنساناً طيباً، لكنه غبي جهول، وحملٌ وديع، يخاف من الظل، ويفزع من السوط، ويرتاع من الوجبة، وتجده مجرد إنسان صالح وصلاحه لنفسه، ونحن نقول: الله يجزيه خيراً ويثيبه ويحفظه، وندعو لمثل هذا الشاب، وكما جاء في الحديث: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) لكن إذا انتشر في الأمة داء الضعف، وداء الهوان، وكلٌ يقول: نفسي نفسي، وتجد الرجل أول من يدخل المسجد، لكن جاره الذي لا يصلي لا ينصحه تجد الرجل يصوم الإثنين والخميس، لكن يرى المتبرجات غاديات رائحات في الطريق ولا ينصحهن تجد الرجل خير من يبذل ويتصدق في سبيل الله، لكنه يرى من الأشياء التي بوسعه وبمقدوره أن يقوم بتغييرها أو إنكارها، أو عمل شيء تجاهها، ومع ذلك لا يعمل، وهذا كما يقال: فيه غفلة الصالحين، ونحن لا نسمي هؤلاء أعداء، بل وجود هؤلاء على مستوى الخير والبركة والصلاح رحمة للأمة، لكن ماذا عليهم لو أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر؟ ماذا عليهم لو قاموا بدورهم وواجبهم تجاه هذه القضية؟ أقول: هذا فريقٌ ليس -والله- من الأعداء، بل نحن نحبهم وندعو لهم، ونرفع بهم الرءوس، ولكن كما قال القائل:

ولم أر في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمامِ

ألا وهو ذلك الضعف أو الجمود أو الخمول الذي إذا اجتمع الخامل مع الخامل، والضعيف مع الضعيف، والكسول مع الكسول؛ انتشر الداء فيما بينهم، وأصبح المتحرك النشيط بدعاً غريباً عجيباً شاذاً نشازاً في صفوفهم، لأجل ذلك نقول: ينبغي لمثل هؤلاء أن يتحركوا حتى لا يقع أحدهم يوماً ما بضعف أو كسل ربما يقوده، فيكون -ولا حول ولا قوة إلا بالله- شجن أو شوكة أو غصة في نحر إخوانه في المستقبل، وما يدريه قد يكون كذلك، نسأل الله لنا ولكم الثبات.