للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نصيحة أخي الذي له رفقة سيئة]

السؤال

لي أخ نشأ في بيئة خيرة، ولكن فجأة تغير سلوكه وأخلاقه ومستواه الدراسي، ويبدو أن السبب هو رفقة السوء وهم كثيرون، أرجو التوجيه في طريقة التعامل معه خاصة وهو في سن المراهقة، وإبعاده عن هذه الرفقة، وجزاكم الله خيراً.

الجواب

غالباً الإنسان لا يتأثر إلا بشيء استحوذ على قلبه، أحب شيئاً، أعجب بشيء، فما لم تكن قادراً على أن تقدم خيراً بأسلوب يأخذ بلبه، ويستطيع أن يكون له أثر طيب في كسب نفسيته، وإلا فلن تستطيع أن تؤثر عليه، أو يكون هناك موقف معين من المواقف قد يكون سبباً في هدايته، وعلى أية حال فالواجب من الجميع: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد:٧] {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران:٢٠] {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص:٥٦] المطلوب منك النذارة والدعوة، والباقي بيد الله سبحانه وتعالى، هذه قاعدة.

الأمر الثاني: لن يسمع أحد مني ومنك شيئاً إذا كان يبغضنا أو يكرهنا، الذي يبغضك لا يقبل منك صرفاً ولا عدلاً، لو تقول له: اصبر لأقرأ عليك صفحة من القرآن، يقول: أرجوك ابعد عني، لا يقبل منك صرفاً ولا عدلاً، لكن حينما يكون لك أثر في قلبه؛ فلا بد أن يتأثر منك.

فهذا الأخ الذي ذكرت من حاله، لا بد أن تكسبه بالهدية، وبالتواضع، وبأيضاً السعة في البرنامج، قد يكون بعض الشباب دائماً وقته قراءة وتخريج وبحث، هذا خير عظيم، هذا عمل لا يقوم به إلا علماء الأمة، لكن لا يطيقه عامة الناس، وعامة الشباب، ساعة وساعة بالنسبة لبقية الناس، ليس الجميع يتحمل هذا الأمر.

إذاً فأنت تنظر إلى أي مستوى وصل هذا الشخص، ولذلك ينبغي أن تعامله، أما شاب كان أمس في الشارع، ومن ثم تأتي به أربعة وعشرين ساعة حدثنا حدثنا حدثنا، من هو الذي حدثك حتى تشغلني به؟ فيمل منك، لم يعد يقبل منك صرفاً ولا عدلاً، لا أقول يقال، بل بعيني رأيت، كان يوماً من الأيام يحمل كتب الحديث، ويحسن الرواية، وبعد ذلك انقلب ولا حول ولا قوة إلا بالله، السبب، أصبح منبتاً، إن المنبت لا ظهراً أبقى ولا أرضاً قطع، شد على نفسه حتى هلكت الناقة في الصحراء، فما استطاع أن يصل بالناقة سليمة ومات في الطريق.

لكن مثل هؤلاء الشباب يأخذون، ويدعون بالتي هي أحسن، ويمكنون ما بين الأوقات فيما فيه فسحة لهم، ولذلك دائماً أدعو إخواني الشباب إلى استغلال الأندية الرياضية؛ لأن فيها أماكن تستطيع من خلالها إذا كنت نشيطاً واعياً بمجموعة من إخوانك وزملائك، تستطيع أن تجد المكتبة فتقرأ، وتجد المسبح فتسبح، وتجد صالة التنس فتلعب، وتجد المسجد فيكون هناك درس في المغرب، ويجتمعون على صلاة العشاء، تستطيع أن تستوعب الشاب بجميع مراحل وقته.

عند ذلك إذا بلغ حداً معيناً، هو نفسه يعرف ما يضره وما يسره، ولا تخشى عليه شيئاً كثيراً، بإذن الله يتوجه، لكن شاب عادي دعوته؛ فاهتدى واستقام، حدثته اليوم يقبل، بعده يقبل، ثم يمل، ولذلك أوصيكم ونفسي يا إخوان! بأن نأخذ النفوس بما تطيق، يقول صلى الله عليه وسلم: (عليكم من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا) أي: لا تضغط على نفسك، وبعض الناس يفهم كلمة لا تضغط نفسك، لا تشدد يا أخي، أن المعنى: اسمع أغاني، واسحب ثوبك، وعدل واصنع، لا، أعني بكلمة لا تشدد على نفسك، أي: أعط نفسك راحة، امرح مع زملائك، العب معهم كرة، يمكن أن تسبح معهم، يمكن أن يصبح بينك وبينهم أنشطة رياضية، وفي نفس الوقت لا يمرن يوم عليك إلا وقد نلت حظك من كتاب الله، من فقه وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، من الأمور النافعة الخيرة.