للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سفاح يعظ جنوده بالجهاد في سبيل الله]

معاشر المؤمنين: وأما ما رفعه ذلك الطاغية البعثي -الذي يجلّ المنبر عن ذكر اسمه- وحزبه أولاً: الجهاد في سبيل الله عبر إذاعة مستأجرة بالأموال، وليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة، إذاعة استأجرت حناجر بالأموال، وأقلاماً بالأموال لتكتب عن الصف ولتطنطن في الإذاعات، وماذا بعد ذلك يا عباد الله؟ أخذوا يرفعون شعار الجهاد في سبيل الله وتحرير الحرمين، وعجبت يوم أن سمعت هذا:

خرج الثعلب يوماً في ثياب الواعظينا

ومضى في التو يمضي ويسب الماكرينا

يا عباد الله توبوا فهو كهف التائبينا

أصبح فرعون واعظاً! متى عرفت الثعالب بالأمانة؟! متى عرف فرعون بالوعظ والإرشاد؟! أفي هذه اللحظات خرج ذلك الطاغية البعثي يصيح عبر الحناجر المأجورة والأقلام المستأجرة يرفع نداء الجهاد في سبيل الله، هل يرفع نداء الجهاد في سبيل الله الذي قتل الأكراد في كردستان، منطقة يسكنها الأكراد السنة تتنازعها خمس دول، إقليم يتاخم الاتحاد السوفيتي، وإقليم يتاخم تركيا، وإقليم يتاخم سوريا، وإقليم يتاخم العراق، هذه الأقاليم المتاخمة في وسطها بلاد اسمها كردستان أغلبهم من السنة، هؤلاء كان عدواً لدوداً لذلك الطاغية المجرم، ولما أراد أن يفتك بهم ماذا فعل؟ أرسل الطائرات فضربتهم وجعلت بلادهم خراباً بل قاعاً صفصفاً كأنه ليس بها على ظهر الأرض أحد، ولما فر من فر من النساء والأطفال والعجائز والشيوخ قابلتهم الناقلات والشاحنات التي تحمل المواد الغذائية، ففرغت المواد الغذائية هذه الناقلات وحمل فيها الأطفال والعجائز والأرامل والشيوخ، فلما بلغه الأمر قال: الآن الفرصة! اضربوهم وهم في صناديق الشاحنات، فتوجهت الطائرات وأنزلت قذائفها على كل شاحنة تمتلئ بالبشر، وعندي صور تدل على هذا، لا أقول هذا جزافاً لا والله بل عندي صور ورأيت فلماً مصوراً من التلفزيون الاسكندنافي من أوروبا نقل عبر الأقمار الصناعية في هذه المذبحة التي بلغ عدد ضحاياها أكثر من ثلاثمائة ألف.

هل الذي يفعل هذا يرفع الجهاد في سبيل الله؟! هل الذي يفعل هذا بالمسلمين يرفع الجهاد في سبيل الله؟! هل الحزب يحرق عالماً من علماء العراق بالنار لما امتنع من أن يؤيد الاشتراكية والبعثية؛ صبوا عليه البنزين وأحرقوه بالنار، هل يرفع الجهاد من يفعل هذا؟ كيف تنطلي على أمة المسلمين هذه الألاعيب وهذه الحيل؟! إن كثيراً من الأمم قبلهم قد رفعوا شعار الإسلام ليصلوا في ذلك إلى أطماعهم ومؤامراتهم ومع ذلك ما كان العلماء والفطناء والأذكياء يغفلون عن هذه الشنشنة الأخزمية التي عرفت من أولئك الفجار الذين يتلاعبون بعقول الأمة، ولكن الحقيقة تفرض نفسها إن الإعلام يعبث بالشعوب، ولذلك لما رفع ذلك الطاغية شعار الجهاد في سبيل الله تطوع عدد من السذج في بعض البلدان المجاورة وقالوا: نحن جنود لهذه الطائفة، وإن كنت تريد أن تغزو إسرائيل أليست إسرائيل جارة للبعثيين، لماذا لم ينل إسرائيل طلقة رشاش واحدة؟ إن كنت تريد الجهاد فالميدان قريب ولا يحتاج إلى مسافة، وهل رفع الجهاد إلا في هذه اللحظة التي دخل فيها جنودهم وسرقوا الأموال وخوفوا الآمنين وشردوا المطمئنين؟ كيف تنطلي على العقول لعبة ما يسمى بالجهاد في سبيل الله.

إننا أولى أن نرفع هذه الراية، وإننا أولى بها أن نعلن الجهاد في سبيل الله ضد البعثيين الملاحدة الكفار، ولا طمأنينة إلا برفع راية الجهاد في سبيل الله: (ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا) (وما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا) فالجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة: (إذا رضيتم بالزرع، وتبايعتم بالعينة، وتبعتم أذناب البقر؛ سلط الله عليكم ذلاً لا يرفعه عنكم حتى تراجعوا دينكم).

والله ثم والله ثم والله إن ما حل بـ لبنان والكويت وأفغانستان وكشمير ليس ببعيد أن يحل بنا ما لم نجاهد في سبيل الله {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال:٦٠] ماذا يفعل الإعداد؟ {تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ} [الأنفال:٦٠] {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ} [الأنفال:٦٠].

نعم يا عباد الله! إن الإعداد يوم أن تعلم الشعوب المجاورة أن الشعب السعودي شعب مجند، مدرب، يحمل السلاح ويعرف إطلاق النار، ويلبي نداء الجهاد، وفي أي لحظة يقدم كفه على روحه وليمت من يمت وليقتل من يقتل هكذا تبقى الأمة:

وفي القتلى لأقوام حياة وفي الأسرى فدىً لهم ورق

ما لم تقدم الأمة ثمناً للأمن والرخاء والطمأنينة من فلذات أكبادها وإلا فإن دورة الحياة دائرة، دورة الأمن والرخاء والطمأنينة تدور دورة، ثم تنتهي بخلود الناس وتوجههم إلى الترف والرفاهية والعبث بملذات الدنيا، لا نريد هذا نريد أنفسنا وشبابنا يقفون في أي لحظة وهم مستعدون أن يتوجهوا إلى الجبهات كلٌ يعرف ثكنته وقائده ومهمته؛ بهذا تحفظ الأمة نفسها.

والله يا عباد الله! لا يحفظ البيت إلا صاحبه، ولا يحفظ الدار إلا بانيها، وإننا نسأل الله جل وعلا أن يجعل في هذه الأمة خيراً وبركة، ولا يزال فيها كثير من الخير بل الخير كله إلا ما شاء الله بما كسبت أنفسنا، نسأل الله أن يبارك لنا في ذلك، وألا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.

ثم اعلموا يا عباد الله! أن الذي يرفع هذا اللواء ليحرر فلسطين ليس هو ذلك الذي جاء بالحديث في آخر الزمان: (تقاتلون اليهود حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم ورائي يهودي تعال فاقتله) ولم يرد في الحديث يا بعثي ورائي يهودي تعال فاقتله فماذا يرجى من هذه الدعايات المضللة التي تغني صباح مساء:

آمنت بـ البعث رباً لا شريك له وبالعروبة ديناً ما له ثاني

هل ينتظر من هؤلاء الملاحدة أن يرفعوا للإسلام راية أم أن يجاهدوا في سبيل الله؟ إذاً: فاعرفوا ذلك معاشر المسلمين، أما دعواه أنه سيضرب إسرائيل فوالله ثم والله:

زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً أبشر بطول سلامة يا مربع

والله لا يستطيع ولا يجرئ على غزو اليهود إلا مسلم يتحرك بذلك؛ ليس لأجل العرب وإنما لله ولأجل الله وفي سبيل الله ولإعلاء كلمة الله، وأما ما سوى ذلك فلن يستطيع بأي حال من الأحوال.

معاشر المسلمين: إن الذي يرفع راية الجهاد ليس هو الذي يفرض عقوبة الإعدام على من يدخل أشرطة إسلامية في البلد، إن من وجدت في حوزته أشرطة إسلامية من الخطب والندوات والمحاضرات لعدد من العلماء عقوبتها الإعدام، فهل الذي يرفع الجهاد في سبيل الله يعاقب بالإعدام على هذا؟ كذلك: هل الذي يرفع راية الجهاد في سبيل الله يقتل آلاف المسلمين، ويجعل عقوبة المحافظة على الصلاة مع الجماعة بانتظام أن يكون صاحبها مشبوهاً يتابع ثم يعاقب بالسجن والأعمال الشاقة؟ أهذه صفات وسمات من يرفع راية الجهاد في سبيل الله؟