للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحمد والثناء لله]

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، تمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، واعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار، عياذاً بالله من ذلك.

معاشر الأحبة: من صنع للأمة نصرها؟ أهم أولئك الذين يطنطنون: سنحرق إسرائيل بالكيماوي؟ من الذي صنع للأمة نصراً؟ من الذي أنزل على الأمة نصراً؟ من الذي نصر الأمة في هذه المواقع، أو جعل الدائرة لهم في رحى الحرب القائمة؟ أهم أولئك الذين طنطنوا زمناً طويلاً؟ أهي دباباتنا؟ أهي طائراتنا؟ إنه الله وحده، إنه الله وحده، إنه الله وحده، لأن كل ما بين أيدينا هي أسبابٌ مع تهيئ الظروف عامة، الطقس المناخ الضباب الأجواء تحديد الهدف سلامة الآليات من العطب أن يكف الله جنوده في الأرض ألا يكون لها سعيٌ إلى هذه الآليات فيفسد فيها شيء هو الله جل وعلا، ولما واتت هذه الظروف، واجتمعت هذه العناصر، كان لهذه الآليات فعلاً عجيباً، ولو اختلفت السنن والظروف التي تعمل فيها هذه الآليات والمعدات لما استطعنا أن نحقق شيئاً، فالفضل لله، فالفضل لله، فالفضل لله، الحمد لله أولاًَ وآخراً، ظاهراً وباطناً الحمد لله، اجعلوا هذا الحمد والثناء على الله في كل مجال، احمدوا الله في كل حال.

قيل: وإن كان المثال فيه نوع بعد عن الحادثة، لكن حتى نعرف كيف يتعلق الناس بالله جل وعلا، طارق بن زياد طلب منه أن يستسقي بالناس، فأمر قبل خروجه بالناس أن يخرج الناس بأطفالهم وصغارهم وبهائمهم، ثم قال: حيلوا بين الإبل وحيرانها، وبين النعم والبهائم وصغارها، وبين الأمهات وأطفالها حتى علا الصياح وارتفع النحيب، وجأر الجميع إلى الله جل وعلا، كلهم يصيح: يا ألله -حتى البهائم تعرف ربها في الشدة- ثم خطب الناس خطبةً بليغةً، وفي ختامها قال له أحدهم: هلَّا دعوت للخليفة، فقال: هذا مقامٌ لا يحمد فيه إلا الله، فالحمد لله، الحمد لله.

الحمد لله أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً، علقوا هذا النصر، وعلقوا هذه الجهود، أو هذه الدائرة التي تميل كفتها لصالح أمة الإسلام، احمدوا الله جل وعلا عليها، احمدوا الله وحده، ثم ثنوا بالشكر والدعاء لأبنائكم ولقادتكم ورجالكم، فيما بذلوه وعملوه في هذه المواقع، أما أن يعتقد الناس -وحاشا وكلا، ومعاذ الله أن يحصل هذا من مسلم- أن يعتقد أن النصر بيد الدولة الفلانية، أو القوة الفلانية، لا.

إذا تعلقنا بالله جل وعلا تنزّل النصر: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة:٢٥] {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} [آل عمران:١٢٣] كانوا في بدر أذلة، قلة، ضعفة، وكان تعلقهم بالله عظيماً، فنصرهم الله جل وعلا، ويوم حنين قالوا: لن نغلب اليوم من قلة، فلما وكلوا إلى كثرتهم: {إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة:٢٥].

فينبغي أن نحمد الله جل وعلا، وأن نكثر من حمد الله والثناء عليه، حمد الله بالفعل، وحمد الله بالقول، وحمد الله بالاعتقاد، إذ لولا فضل الله وهذه السنن التي سخرها الله، لما استطاعت هذه الآليات، ولا هذه الدبابات، ولا هذه الطائرات أن تفعل فعلها، فالحمد لله الذي سخر هذه السنن الكونية في ظروف لتعمل معها هذه الآليات أجود كفاءة وأفضل عمل، ثم الحمد لله على ما هيأ للأمة، وسخر لها، ونسأل الله أن يتم النصر للمؤمنين، وأن يهلك أعداء الدين، وأن يمحق، وأن يقطع دابر الكافرين أجمعين.