للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقفات مع كلمة (اغتنم)]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد على آله وصحبه أجمعين، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، اللهم لك الحمد أنت قيوم السماوات والأرضين ومن فيهن، ولك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت يا رب من شيءٍ بعد، أشهد أن لا إله إلا الله حده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أيها الأحبة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مرةً أخرى، وأسأل الله جل وعلا أن يرزقنا وإياكم السداد في القول والإخلاص في العمل، وقبل أن ندخل في موضوعنا أود أن أنبه إلى مسألة مهمة: وهي أنه ليس من منهج أهل السنة والجماعة أن يمدح الإنسان على الملأ، ولا يجوز هذا ولا ينبغي، وكلٌ أدرى بعيوب نفسه، والله جل وعلا يقول: {بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} [القيامة:١٤] فالناس لو مدحوك آناء الليل وأطراف النهار فأنت أدرى بعيوبك وذنوبك، ولو نالوا من عرضك واغتابوك وذموك فأنت أدرى بما ترجوه من ربك.

وابن الجوزي رحمه الله في صيد الخاطر يقول: [يا ضعيف العقل! اعلم أن الناس إذا أعجبوا بك فإنما أعجبوا بجميل ستر الله عليك] ويقول أبو العتاهية:

قد أحسن الله بنا أن الخطايا لا تفوح

نح على نفسك يا مسكين إن كنت تنوح

لتموتن وإن عمرت ما عمر نوح

على أني أذكر أخي المقدم جزاه الله خيراً، ولا بأس بالشعر وإن كان أعوج مكسورا، وعلى أية حال فهذا جهد المقل: {يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ} [يوسف:٨٨].

أيها الأحبة: الحديث أو المحاضرة بعنوان: "الغنيمة الضائعة" وإن كان أهل هذا الحي معظمهم من البادية أو من أهل الغنم والوبر والإبل والرعي والماشية، فقد يظن البعض أن العنوان "الغُنيمة الضائعة" وليس هذا بصحيح بل العنوان: "الغَنيمة الضائعة" فمن جاء يبحث عن غنمةٍ ضائعةٍ فليست ضالته هنا، ليبحث عن معرفٍ لها لعله أن يجدها، فمن فاته شيء نسأل الله أن يخلف علينا وعليه ما فات.

أيها الأحبة: قال صلى الله عليه وسلم: (اغتنم حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك) هذا الحديث أخرجه البيهقي والحاكم عن ابن عباس بسندٍ صحيح، وأخرجه الإمام أحمد في المسند، وذكره الألباني حفظه الله في صحيح الجامع، وفي معناه الحديث الذي قال به النبي صلى الله عليه وسلم: (بادروا بالأعمال سبعاً هل تنتظرون إلا فقراً منسياً، أو غنىً مطغياً، أو مرضاً مفسداً، أو هرماً مفنداً، أو موتاً مجهزاً، أو الدجال فشر غائبٍ ينتظر، أو الساعة والساعة أدهى وأمر؟!) رواه الترمذي وقال حديثٌ حسن، وفي سنده محرر بن هارون، قال الحافظ في التقريب: متروك.

أيها الأحبة: العبرة في الحديث الأول الصحيح وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمساً قبل خمس) ونحن نذكرها واحدةً واحدة.