للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[القرآن يتحدث عن الوقت]

ولذلك لا عجب أن نرى كتاب الله جل وعلا مليئاً بكثير من الآيات المتعلقة بهذا الوقت إما مباشرةً، أو إيحاءً، أو دلالةً على أهمية هذا الوقت وقيمته خاصةً لعباد الله الذاكرين الموحدين أولي الألباب، يقول الله جل وعلا: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران:١٩٠ - ١٩١].

فإذا تأملت قول الله جل وعلا: {وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [آل عمران:١٩٠] فتغير هذا الليل بنهار بعده، ونسخ هذا الظلام بنور يزيله، هذه آية من آيات الله جل وعلا، والوقت والساعات دائرة بين فلك الليل وفلك النهار، من أجل ذلك قال الله جل وعلا: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران:١٩٠] أصحاب العقول من هم؟ {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:١٩١] ويقول الله جل وعلا في آية أخرى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً} [الفرقان:٦١].

وهذه البروج، وهذا القمر مرتبط بتحديد الأوقات والأزمان، ثم قال بعد ذلك: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:٦٢] فالمتذكر والمتأمل يتأمل في هذا الليل والنهار، وفي انقضاء الليل وإتيان النهار بعده، في زوال النهار وهجوم الظلام عليه، تلك آية عظيمة، ومن أجل ذلك كانت أشد المشاهد رهبةً للنفس الإنسانية مشهد الغروب، ومشهد الإشراق.

حينما ترى جيشاً من الظلام قد هجم على هذه البسيطة ليغطيها بسحابة سوداء، فينسخ هذا النور الذي هو فيها، حينما تتأمل غروب هذه الشمس، وكذلك حينما يأتي الصباح، ثم يأتي ضوء هذا الشمس رويداً رويداً ليهزم حلول الظلام، تذهب على أدراجها، ثم يعلو النور أجزاء هذه المعمورة، آية كونية عظيمة لمن تأملها.