للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الدعوة إلى الله تجارة رابحة]

أيها الأحبة في الله: ما دام هذا شأن الدنيا، وهذا مصيرها، وهذه أحوالها، وبعدها أهوالها، فإن من خير ما ينفعنا ويسرنا وينجينا أن نجعل الدنيا مزرعةً للدعوة إلى الله جلَّ وعَلا، نريد العمل الذي يعطينا الحسنات الكثيرة في الأيام القصيرة.

لو أن عندك مائة ألف ريال، وأردت أن تستثمرها، فقال لك أحد أصدقائك: أعطني هذا المال وأعطيك أرباحه بعد سنتين، تقول: لا.

السنتان طويلة، وما هي الأرباح؟! (١٠%) أو (٢٠%)، تقول: لا.

هذا مشروع فاشل، (٢٠%) والأرباح بعد سنتين؟! هذا مشروع فاشل، فإذا قال لك آخر: أرباحه بعد ستة أشهر، والمكسب (١٠٠%) تقول: نعم.

أنت المستثمر الناجح، وأنت التاجر الماهر الذي حريٌّ أن نعطيه المال، فيستثمره لنا، وينفعنا باستثماره وتحريكه.

أقول لكم يا تجار الآخرة! أقول لكم يا معاشر الموحدين! أقول لكم يا أحبابنا أجمعين: تعالوا معي لنتعرف على تجارة أرباحها كثيرة، ومدة دورة رأس المال فيها قصيرة، ما هي؟! الدعوة إلى الله جلَّ وعَلا.

قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت:٣٣].

وقال جل وعلا: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:١٢٥].

وقال سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:١٠٨].

من دعا إلى هدى فله أجره وأجور من عمل به إلى يوم القيامة.

لو قام أحدكم الآن وتكلم بيننا، وقال: أيها الناس: تصدقوا، واتقوا، وتقربوا إلى الله، فإن في يوغسلافيا إخواناً لكم محتاجين لمساعدةً؛ لأنهم يُقَتَّلون ويُشَرَّدون على أيدي الصربيين الكفار النصارى الأرثوذكس، فقمتم أنتم وتبرعتم وجمعتم على الأبواب مائة ألف ريال مثلاً، كتب الله في ميزان هذا الذي تكلم أجراً يعادل صدقة مائة ألف ريال، مع أنه ربما لم يتبرع إلا بريال واحد؛ لكنه دعا إلى الخير، فكان له مثل أجره.

ما دامت الدنيا حقيرة، والأيام قصيرة، وبحاجة إلى متاجرة لحسنات كثيرة فإن الدعوة إلى الله من خير ما ينفعنا.

ولكن -أيها الأحباب- وجدتُ من خلال اطلاعٍ وتجربةٍ واستقراءٍ؛ وجدتُ كثيراً من الناس يحبون الدعوة إلى الله، ويحبون الخير، ويحبون الدعاة إلى الله؛ ولكن الشيطان يلبِّس عليهم، الشيطان يخوفهم، وذلك هو: (تلبيس إبليس) الذي هو موضوع محاضرتنا اليوم.