للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نصائح إلى شباب تابوا قريباً

السؤال

هؤلاء مجموعة من الشباب يقولون: الحمد لله هدانا الله سبحانه وتعالى وكنا من قبل نستعمل المخدرات وغيرها، فما هي النصائح التي توجهها لنا، ولنا أسبوع في التوبة؟

الجواب

والله يا أحبابي اسمحوا لي أن أقول: ما أكثر التائبين وما أقل الثابتين! فأحذركم من الحور بعد الكور، ومن الزلل بعد الاستقامة، ومن الانحراف بعد الهداية، ومن الضلالة بعد الهدى، وإني واثق أن الشيطان لن يدعكم، ولن يدعكم شياطين الإنس الذين يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً، فإذا كنتم حمدتم الله على نعمة الهداية والاستقامة، فلا تتساهل بلحظة، لحظة لو يطرق عليك صاحبك القديم صاحب المخدرات يقول: يا فلان أجلس معك جلسة قبل أن تأخذ بالهداية سنة، فلا تفتح له الباب ولا ير وجهك وجهه، فكم اهتدى كثير من الشباب بالذات من قضية المخدرات، فما كان من جلساء السوء وأولياء الشيطان الذين وسوس بعضهم لبعض، وزخرفوا ذلك الباطل لهم من جديد، قالوا: نجلس معك جلسة نريد أن نعرف كيف اهتديت فنهتدي مثلك، وما كانوا صادقين، ولو كانوا صادقين لزاروه أو لاجتمعوا به عند عالم أو طالب علم أو واعظ أو داعية، ولكن أرادوه على انفراد بدعوى أنهم يريدون أن يتوبوا كما تاب، فما كان منهم إلا أن أخرجوا له ذلك المسحوق الأبيض الذي يتلألأ أو قطعة من المرفين أو الهروين.

أنسيت ذلك الخيال التي ترى فيه أبراج إيفل في باريس، وناطحات السحاب في نيويورك، ومياه النيل وأنت في مكانك.

فإذا سكرت فإنني رب الخورنق والسدير

وإذا صحوت فإنني رب الشويهة والبعير

يسكر الواحد أو يحشش في هذه المخدرات والعياذ بالله، فيظن أنه قد حلق، بعضهم يظن أنه يدفع العمود هكذا فيسقط، وإذا صحا وجد أن العمود ضرب رأسه مائة ضربة، لكنه لا يدري.

فيا أخواني الذين اهتدوا نسأل الله لكم الهداية، وما يدريكم أنها خاتمة حسنة، والشيء بالشيء يذكر؛ منذ أسابيع ليست طويلة دخلت المسجد؛ فإذا بجنازة أمامي، فوجئت بها في الحقيقة، وفعلاً هزني ذلك الموقف أن تدخل المسجد وفي ذهنك موضوع الخطبة، فتفتح الباب وإذا بالجنازة أمامك، يوشك أن تسقط عليها فتهتز.

فانتهينا من الخطبة والصلاة وصلينا على ذلك الشاب، وكان أخوه أحد الشباب الصالحين في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فسألته عن أخيه، قال: هذا أخي ليس له في التزامه إلا ثلاثة أشهر تقريباً، وكان يعمل في البحرية، وقد مر بمجاهدة أعانه الله في نهايتها على الاستقامة، وكان حوله ممن يريدون به الغواية والضلالة من خططوا له ودبروا، ولكن الله أعانه وثبته.

انظروا إلى خاتمته كان حارساً على السفن والزوارق الحربية في مدينة الدمام، في المنطقة الشرقية، فكان يحرس في رباط وقت الفجر، فلما حان وقت الفجر؛ قام وأذن على ظهر السفينة، ثم نزل من السفينة إلى قارب آخر ومعه ماء وتوضأ، ثم عاد من القارب الصغير إلى السفينة، يريد أن ينادي إخوانه، ليصلوا، فزلت به القدم، وضربته حديدة في جبينه، فسقط في البحر، وأخذ ينزف، وفقدوه اليوم الأول، وفي اليوم الثاني وجدوا مجموعة من الأسماك مجتمعة حول منطقة، فجاء الغواصون ووجدوه على تلك الحال، يقول أخوه: والله إني كنت في فزع وفاجعة من الحادثة التي حصلت له، ولكني لما رأيته يغسل وعلى وجهه ابتسامة وخير؛ حمدت الله أن الله توفاه على هذه الحالة.

فالعبرة بالخواتيم، نسأل الله أن يحسن لنا ولكم الخاتمة، ولا يلزم أن تكون التوبة على قصة انقلاب سيارة أو غرق أو هدم أو حريق بعض الناس ينتظر أن تأتي شعلة من النار في فراشه فيقوم تائباً، أو يصفعه أحد بمرزبة على رأسه ثم يقوم تائباً، لا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ} [التحريم:٨].

الواحد مدعو إلى التوبة سواء حصلت له حادثة تحركه وتوقظه من غفلته، أو لم يحصل له، فيكفيه ما يسمع من المواعظ والزواجر والعبر وغيرها.