للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزنا ديْن لابد من قضائه

أيها الأحبة في الله: ينبغي أن نحذر على أنفسنا، ينبغي أن ننتبه لأنفسنا.

ذكر ابن القيم رحمه الله كلاماً جميلاً في شأن من وقع في أول هذه المعاصي، فقال: مثله كمثل من كانت معه فرس عنيدة شمَوس جموح، كان يقودها ويذللها، فبعد ذلك انتهى به الطريق إلى زقاق ضيق، إلى سكة ضيقة، ثم نشبت رأس الفرس في بداية هذا الطريق، ما الحل لتخليص الفرس من هذه المشكلة؟ أمن الحل أن يضربها بالسياط حتى تمضي تتوغل في هذه السكة والزقاق؟! لا.

إنما الحل أن يداريها وأن يرجع بها حتى يتخلص من هذا الطريق، ويسلك بها طريقاً أخرى.

والفرس: هي النفس الإنسانية.

والطريق: هي طريق المعاصي والشهوات.

فمن بدأ أو وقع في ذلك فليسحب فرسه من البداية، وليسلك بها طريقاً أخرى مذللة.

عباد الله: إن كثيراً من الشباب ليتساهلون بهذا الأمر، وما يعلمون أن الأمور بالموازين، وأن المكاييل كما تكيل لغيرك فالناس يكيلون لك، ومن حفظ عينه عن أعراض الناس حفظ الناس أعينهم عن عرضه، ومن حفظ مسمعه عن أعراض الناس حفظ الناس مسامعهم عن عرضه.

يا أيها الشاب، الذي قد يرفع هذه السماعة لكي يعاكس فتاة! يوم أن تمتد يدك لتغازل أو تعاكس فتاة اعلم أن مئات الأيادي بل آلاف في هذه اللحظة وفي هذه الساعة سوف ترفع السماعة وتدير الرقم والقرص على بيتك، وإن أنت وضعتها خوفاً من الله، ليصرفن الله عن أهلك وعنك السوء، وعن كيد الماكرين.

فيا عباد الله: ينبغي لنا أن ننتبه لهذه المعصية، ومن وجدناه واقعاً أو متساهلاً بها، أن نحذره ونخوفه منها؛ لأن الناس لا يرضون ذلك لبناتهم، ولا لإخواتهم، ولا لإمهاتهم، وإن كان بعض المعاكسين-كما علمتُ- ومنهم مَنْ مَنَّ الله عليه بالتوبة -أسأل الله أن تكون لنا ولهم توبة صادقة نصوحاً- يقول: إنه لا يتورع أن ينشئ علاقة بين أخته وأخ الفتاة التي يعاكسها؛ حتى تتوقد العلاقة بينه وبين الفتاة التي يريدها.

إلى هذا الحد ترخص الأعراض، وتهون الكرامات والشيم؛ لكي يضحي الإنسان بهذا كله، من أجل الوصول إلى مكالمة، ووراءها ما وراءها؟!

مَنْ يَزْنِ يُزْنَ به ولو بجداره إن كنت يا هذا لبيباً فاهمِ

إن الزنا دَين فإن أقرضته كان الوفا من أهل بيتك فاعلمِ

جاء شاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا رسول الله! ائذن لي بالزنا -هل طرده النبي صلى الله عليه وسلم؟ أو سَبَّه؟ أو شتمه؟ لا بآبائنا هو وأمهاتنا، بل دعاه يدنُ منه قليلاً- فقال: يا غلام، أترضاه لأمك؟ قال: لا.

يا رسول الله! قال: فإن الناس لا يرضونه لأمهاتهم، أترضاه لأختك؟ قال: لا.

يا رسول الله! قال: فإن الناس لا يرضونه لأخواتهم، أترضاه لعمتك؟ قال: لا.

يا رسول الله! قال: فإن الناس لا يرضونه لعماتهم) أو كما قال صلى الله عليه وسلم.